تركيا تجسد مزيجا فريدا من عدة حضارات متنوعة منذ القدم، حيث نشأت حضارات ما قبل التاريخ وتبعها ظهور المسيحية واعتمادها كديانة رسمية منذ ذلك الحين. وقد تم بناء العديد من الكنائس لتجسيد الحياة الدينية للدولة البيزنطية والدولة الرومانية القديمة. وتعتبر كنيسة القديس بطرس، التي بنيت في الصخر، واحدة من أقدم الكنائس الموجودة في تركيا. وكانت كثرة الكنائس في تركيا سببا في نشوء عدد من الإمبراطوريات المسيحية على أراضيها .
تقع كنيسة القديس بطرس في ولاية أنطاكية بالقرب من ولاية هاتاي في الجنوب التركي، وتتميز بوجود العديد من الآثار القديمة وبقايا أطلال لحضارات قديمة هامة في العالم القديم. تعتبر الكنيسة من أقدم الكنائس المسيحية، وتتألف من كهف منحوت في الجبل. تأسست هذه الكنيسة بواسطة القديس برنابا الذي زار طرسوس في رحلات بطرس التبشيرية، حيث قام بتأسيس أول كنيسة في أنطاكية. كانوا أول من آمنوا بالإنجيل في منطقة إنطاكي .
يقول العلماء وخبراء الحفريات القديمة إن الأجزاء المتبقية من الكنيسة تشير إلى أنها بنيت في القرن الرابع إلى القرن الخامس الميلادي بعد ظهور المسيحية بخمسة قرون. تحتوي أرضية الكنيسة على قطع فسيفساء وآثار لوحات جدران كانت شائعة في تلك الحقبة الزمنية. تم اكتشاف نفق داخل الكنيسة من جانب الجبل يتدفق منه الماء للاستفادة منه في الشرب وتعميد المرضى. في الماضي، كان يتم تجميع المياه داخل النفق. ومع ذلك، تعرضت الكنيسة لأضرار كبيرة جراء الحروب والزلازل .
ساهم الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث في إعادة ترميم الكنيسة وإعادة ترميم عدد من أثار الجنوب التركي في القرن التاسع عشر الميلادي في عام 1862 تم تشييد الكبوشيين بناء على توجهات البابا بيوس التاسع حيث اكتسبت الكنيسة حلة جديدة بعد عمليات الترميم يزرها سنويا 500 ألف سائح ما بين محبي الآثار و متخصصين في دراسة الآثار القديمة ومحبي الإطلال ومعالم الحضارات الماضية كما أن لها مكانة دينية عند المسيحيين بصفاتها أول كنيسة في المدينة كما أن لها أهمية تاريخية كبيرة تشرف عليها وزارة الثقافة التركية بالتعاون مع وزارة السياحة وبلدية المنطقة تشمل علميات ترميم مستمرة لصخور الموجودة في المغارة و تثبيتها بشكل لا يضر معالمها الفريدة و يحبب الزائر في مشاهدتها وأيضا لا يضر الزوار ويحافظ على العمارة الأصلية للمكان ايضا تجرى عمليات ترميم مستمرة للجدريات المصنوعة من الفسيفساء الموجودة في صالة استقبال الزوار وعمليات الترميم ايضا لعدد من المرافق السياحية الأخرى .
يجب الإشارة إلى أن عمق الكنيسة المنحوتة حوالي 13 مترا، وعرضها حوالي 9 أمتار تقريبا، وارتفاعها حوالي سبعة أمتار، وتحتوي على نوافذ صغيرة منحوتة داخل الصخر بشكل نجوم، ولقد تم تغيير بعض ملامح التصميم القديم بسبب الترميمات التي تم إجراؤها وتم وضع بعض الأشياء الجديدة والأشياء الترميمية التاريخية التي تعود إلى القرن التاسع عشر الميلادي. وحاليا، لا يتم القيام بأي شعائر دينية في الكنيسة، وهي فقط مزار سياحي مهم في منطقة انطاكية المميزة بأنها مزار سياحي كبير للعديد من الآثار الجديدة والقديمة لعصور وقرون مختلفة. وأهم ما يميز المنطقة هو وفرة الأطلال التي ترجع لعهد الدولة الرومانية والبيزنطية، بما في ذلك القصور والأديرة والكنائس والمعالم السياحية النادرة، ويمكن للزائر الاستمتاع بزيارة الجنوب التركي لمشاهدة هذه الآثار الضخمة والتي تختلف في تاريخ بنائها وتاريخ تشييدها تبعا للفترة الزمنية المختلفة ..