يعود فقر الدول إلى أسباب وعوامل عديدة، منها العوامل الطبيعية والتي تنتج بشكل أساسي عن أفعال الإنسان، مثل الحروب الاستعمارية والفساد السياسي والأنظمة المستبدة التي تؤدي إلى حدوث مجاعات ووفاة الملايين من البشر. ومن بين العوامل الطبيعية التي تسبب الفقر، التعرض للكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات والزلازل والبراكين، ويمكن التغلب عليها بالعلم والعمل والتنظيم. ومن أهم الأمور التي وصانا بها الله عز وجل عندما نرى أحد الفقراء هي الصدقة التي وردت في كتاب الله الكريم في عدة مواضع، ومن ضمنها الآية العاشرة في سورة المنافقون، والتي يأمرنا الله بإنفاق ما رزقنا قبل أن يأتي أحدنا الموت، ويتذكرنا بعد ذلك أن أول ما سوف نتمناه هو العودة لنتصدق ونكون من الصالحين، وإذا اتبعنا أوامر الله في حياتنا فلن يجد الفقر مكانا على وجه الأرض.
دول العالم الفقيرة… يوجد حوالي خمسة وعشرون دولة في العالم مصنفة بأنها فقيرة، منها تسعة عشرة دولة في قارة أفريقيا، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي وبوروندي وليبيريا وإريتريا وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر ومالاوي ومدغشقر وأفغانستان ومالي وتوجو وغينيا وإثيوبيا وموزمبيق وغينيا-بيساو وجزر القمر وجنوب السودان ونيبال وهاييتي وأوغندا وبوركينا فاسو وميانمار.
المركز الأول :تقع جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا أو (زائير) سابقا في المرتبة الأولى، وتقع وسط قارة إفريقيا على بعد أربعين كيلومترا من سواحل المحيط الأطلسي، وهي ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة بعد الجزائر، وعاصمتها (كينشاسا) التي تقع على نهر الكونغو، وتعتبر المركز الإداري والاقتصادي والثقافي الرسمي للبلاد، ويصل دخل الفرد السنوي فيها أقل من 390 دولار، لذلك هي أفقر دولة في العالم.
المركز الثاني :تحتل زيمبابوي المرتبة الثانية كدولة غير ساحلية، حيث تقع في جنوب أفريقيا وتحدها جمهورية جنوب إفريقيا وبوتسوانا وزامبيا وموزمبيق. عاصمتها هراري (ساليسبري)، وحققت زيمبابوي استقلالها وحكم الأغلبية المعترف به دوليا في عام 1980. يبلغ دخل الفرد السنوي فيها حوالي 589 دولارا.
المركز الثالث : تحتل بوروندي المرتبة الثالثة وتقع جنوب خط الاستواء، وتحتوي عاصمتها (بوجمبورا) على بعض المعالم التي تعود إلى الفترات الاستعمارية الألمانية والبلجيكية، بالإضافة إلى السوق المركزي الكبير، ويصل متوسط دخل الفرد إلى 648 دولارا سنويا.
المركز الرابع : تحتل ليبيريا المرتبة الرابعة وتقع في وسط كل من سيراليون وغينيا وكوت ديفوار، وعاصمتها مونروفيا. ويبلغ دخل الفرد فيها 716 دولارا.
المركز الخامس : تحتل إريتريا المرتبة الخامسة وتقع على السواحل البحرية، وتحدها دول السودان وإثيوبيا وجيبوتي، وتعاني من جفاف شديد أثر سلبا على اقتصادها المعتمد على الزراعة، مما جعلها واحدة من أفقر دول العالم، ويبلغ دخل الفرد فيها 792 دولارا.
هذا بخلاف كل من (الصومال) التي يبلغ نصيب الفرد فيها الى 600 دولار، و(جمهورية أفريقيا الوسطى) التي يبلغ نصيب الفرد الى 827 دولار ، و(جمهورية النيجر) التي يصل نصيب الفرد الى 853 دولار ، و (ملاوي) التي يبلغ نصيب الفرد الى 893 دولار ، وأخيرا (مدغشقر) التي يصل نصيب الفرد الى حوالي 972 دولار.
شهد القرن العشرين العديد من المجاعات التي أسفرت لوفاة الملايين، وكانت أكبرها بسبب الحروب العالمية الأولى والثانية، وكذلك بسبب الحروب الأهلية في مناطق متفرقة من جنوب القارة الإفريقية.
في عام 1994 ميلاديا، تعرضت كوريا الشمالية لمجاعة كبيرة نجمت عن الفيضانات المستمرة والأمطار الغزيرة التي أثرت على المحاصيل الزراعية ودمرت ما يقارب مليون ونصف طن من الحبوب المخزنة. كما كانت هناك سبب آخر وهو الظلم الذي تعرض له الشعب من قبل السلطة المستبدة، حيث كان رئيس البلاد آنذاك (كيم جونغ الثاني) يتبع سياسة الجيش أولا في إدارة البلاد، وهو ما أدى إلى تخصيص الغذاء للجيش على حساب الشعب، واستمر هذا الحكم العسكري القاسي لمدة أربع سنوات، وكانت هذه أصعب فترة عاشتها كوريا الشمالية حيث توفي حوالي ثلاثة ملايين شخص.
في السودان عام 1994م، الحرب الأهلية والجفاف هما السبب الرئيسي في المجاعة التي اجتاحت البلاد، وكان بحر الغزال في جنوب غرب السودان الأكثر تضررا حيث مات أكثر من 70,000 شخص بسبب المجاعة، بالإضافة إلى هجرة 72,000 شخص.
في العام 1992 ميلاديا، تعرضت الصومال لأصعب موجة جفاف في القرن العشرين، وتجاوز عدد الضحايا فيها ثلاث مئة ألف شخص، بالإضافة إلى انتشار الجوع والأمراض في البلاد .
في عام 1990 ميلادي، حدث أكبر مجاعة في تاريخ الاتحاد السوفيتي، وكان سببها جوزيف ستالين، القائد الثاني للاتحاد السوفيتي، الذي قرر تحويل المجتمع من زراعي إلى صناعي بشكل سيئ للغاية، حيث دمر مزارع الفلاحين وأفسد المحاصيل واستولى بالقوة على أراضيهم، مما أدى إلى وفاة ما يقرب من عشرة ملايين شخص جوعا.
في عام 1958، شهدت الصين أكبر مجاعة وأشهرها في التاريخ بسبب حزب الشيوعي الصيني، الذي قرر تحويل الصين من دولة زراعية إلى دولة صناعية. فور إعلان هذه الحملة، خرج الفلاحون من أراضيهم وأرسلوا للعمل في المصانع، ومنعوا من العودة للزراعة. وتفاقم الوضع مع حدوث الفيضانات في عام 1959، وتلاها فترة جفاف، وأدت كل هذه الظروف إلى وفاة حوالي 43 مليون شخص.