من بين أصعب التجارب التي يمر بها أي شخص هي فترة السفر والبعد عن وطنه وأرضه التي نشأ فيها، والابتعاد عن أسرته وأحبابه. بغض النظر عن أسباب الغربة، الشعور النهائي دائما يتجسد في الحنين إلى الوطن. الغربة تعتبر واحدة من أصعب التجارب التي يواجهها الشباب عند البحث عن فرص عمل مناسبة أو الدراسة في الخارج، مما يجعلهم يشعرون بالوحدة والحزن والعزلة عن أهلهم، خاصة في المناسبات والاحتفالات. يعبر أعظم الشعراء في قصائدهم عن حزنهم العميق في الغربة وشوقهم الشديد إلى الوطن. وفي هذه المقالة، نقدم أفضل قصائد تتحدث عن الغربة وتحمل تجربة شعورية حية للشعراء.
قصيدة غربة وحنين لأحمد شوقي
اختلافُ النَّهارِ واللَّيْلِ يُنْـسِي *** اِذْكُرَا لي الصِّبَا وأَيَّامَ أُنْسـِي
وَصِفا لِي مُلاوَةً مِنْ شَـبابٍ *** صُوِّرَتْ مِنْ تَصَوُّراتٍ وَمَـسِّ
عَصَفَتْ كالصَّبَا اللَّعُوبِ ومَرَّتْ *** سِنـــَةً حُلْوَةً ولَذَّةَ خـلْسِ
وسَلا مِصْرَ هَلْ سَلا القَلْبُ عَنْها *** أَوْ أَسَا جُرْحَهُ الزَّمانُ المُؤَسِّي؟
كُلَّمَا مـــــرَّتِ اللَّيالي عَلَيْه*** رَقَّ وَالعَهْدُ في اللَّيالي تُقَـسِّي
مُسْـــتَطارٌ إذا البَوَاخِرُ رَنَّتْ *** أوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ عَوَتْ بَعْـدَ جَرْسِ
رَاهِبٌ في الضُّلوعِ للسُّفْنِ فَطْنٌ *** كُلَّمَا ثُرْنَ شــــاعَهُنَّ بنَقْسِ
يا بْنَةَ اليَمِّ ما أبوكِ بَخِـــيلٌ*** مَالَهُ مُولَعًا بمَنْعٍ وحَـــبْسِ؟
أَحـــرَامٌ على بَلابِلِهِ الدَّوْحُ *** حلالٌ للطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِــنْسِ ؟
كُلُّ دَارٍ أَحَــــقُّ بالأَهْلِ إِلا *** في خبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجـْسِ
نَفَسِي مِرْجَلٌ وقَلْبِي شِــرَاعٌ *** بهِما في الدُّموعِ سِيرِي وأَرْسِي
وَاجْعَلِي وَجْهَكِ الفَنَارَ ومَجْرَاكِ *** يَدَ الثَّغْرِ بينَ (رَمْلٍ) وَ (مَكْسِ
يا زمن، أشكو غُرْبَتِي إليك، يا زمن، أشكو غُرْبَتِي
إذا كانت الشكوى تداوي مهجتي، فقلبي يشعر بالألم والحزن
همي يزداد إذا كنت وحيداً في الظلام يا قلبي، لقد أتيت لأنصحك
انتبه لنفسك ولا تدع محنتي تقودك، فأيام الألم تجعل الغريب يشرب منها
في سنوات غربته، كان نومي ينعم بالراحة فوق التراب وهو يحمل كأس المرارة
دون شكوى أو عذرٍ شامِت، ودون همٍ في الزمان
وكربه من غير تسهادٍ يشتت راحتي
أنا معروف بابتساماتي، ولم تتوقف حتى أتعرض لأي شيء يُفسد بسمتي
إن أسعفتني دمعتي في فرحتي
أنزلتها طرباً لأرسم بهجتي
أو أنتِ أسعفتني بالبكاء، مرارة تتسابق العواطف تترك مقلتي
واليوم أفرغ دمع عيني بالبكاء
ندماً على ما كان مني
دموعي جفت وأنا أشاهد الآلام
لكن صبري في الشدائد قوتي
أرغب في زرع الكلمات اللطيفة في قلوبالناس جميعًا
وتسافر المحبة من قلبي إلى جميع الشُرفات والمنازل
تسافر المراكب إلى الجزر المنتشرة في كل مكان
أتيت من شوقي وأعاني في حبك من جور الزمان
أرسل الأشعار لحناً صادقاً عذباً
فجأة وبعد عمرٍ طويل، لن أرى مكانًا أعز عليَّ وقد حزن قلبي
إذا يعاني كاليتيم ياربوعاً، لن أراها إلا إذا عشت يومًا في رباها
كانت النفس تغني وتتذكر صباها وروضها
كم رتعنا وانطلقنا في سماها
ستظلين في خيالي كالجنة في بهائها
إن رحلت الآن قلبي سوف أهديك
سأحكي قصة الحنين والدموع والحب على دربي
وعلى الذكرى سأبقى أقسم الآن بربي
لن أنسى حبي لك، فهو ينبض بين أضلاعي كموطن له
يا ربيع الأمنيات، يا منزل العزة، إن كنت ضائعًا، أنت ملجأي
عندما يتعس حياتي، فأنت شراع النجاة الذي يحميني
سيظل العشق فيك ولهي حتى المماتي
أبيات الشاعر أبو عمرو البجلي
أقول لصديقي، العيس تخدي بنا بين المنيفة والضمار
استمتع برائحة عرار نجد بعد المساء من عرار
يا ليتها نسائم نجد ورياح تهب في حديقة القطار
وأنت على زمانك غير زار، ويحل الناس بالنجدة وتهلك
مرت الأشهر ولم نشعر بنصفها أو بأي سرور
أبيات للشاعر محمد إقبال
تطلعت أشواقنا نحو الحجاز كحنين مغترب إلى الوطن
إنّ الطُّيورَ وإنْ قصَصْتَ جناحَها تسمُوْ بفطرَتِها إلى الطَّيَرانِ
إن كان لي نَغَم الهُنودِ وَلحنُهُمْ، فإن هذا الصوت من عدنان
أبيات للشاعر رشيد أيوب
يا ثلجُ، أثريتَ مشاعري وذكّرتَني بأهلي في لبنان
بالله عليك قل لإخوتي ما زالوا يحترمون العهد
– يا ثلج، لقد ذكرتني الوادي وهو يستمع لجديره الشادي
كم مرة جلست في حضنه الهادئ حتى شعرت وكأنني في جنة الخلد
يا ثلج، أعادتني أمي إلى أيام أقضي الليل في همومي
أنا مشغوفة وحائرة في الاحتضان الدافئ، خائفة من البرد
يا لروعة النجم عندما يظهر، ويا للثلج الذي يغطي الأرض بأشكال مخيفة
الشاعر المسكين يبكي ويندب خسارته للعقل في الليالي الطويلة
آه من هم الفراق وعيشة الغربة
آه من برد الشتى وأشواق وجداني
يا زمن، أرجع بالساعة لطلبك طلبي حتى أجيب، يا زمن
فنجاني جاء يصارع ظروفه الصعبة لتحقيق النجاح
يتم إنقاذي من الخطر وترجع نبضات قلبي الذي فقدته الأمل
كلما بدأت حربه، بدأ يهاجمني
كم شعور في صميم الذات مضطرة
وكم بيوت من بحور الشعر تنصاني
واللحون اللي تجي بلساني العذبة
تستبيح الدمع كله بين الأعيان الفضا
أشعر بالضيق من كل جانب وأفقد حتى ربع وقتي
يا أهلي، عافا الله وطننا، كيف يمكن الوصول في ظل غربتنا؟
والله أعلم أين وضعي وأين موقفي الميداني، لم أغادر الأماكن
في صحبة أحد، لا يكون عنوان نيتي إلا التميز والإنجاز
الكريمة التي تذوب القلب التي أعطتني خمسة من الأركان
أنت وأنا خائفون من ربنا، وأنت ربي العالم بحسني وعصياني