لقد فرض الله سبحانه وتعالي على المستطيعين من العباد فريضة حج بيت الله الحرام، حيث جعل للحج ثواب كبير جدا والأهم من أداء مناسك الحج هو الالتزام بعدم القيام بأي فسوق أو فجور أو جدال لأن الحج هو مكفر للذنوب ، فالحج هو الابتعاد عن المعاصي وعن فعل أي شئ مكروه يؤذي الآخرين إذ ينبغي التحدث بالحسنى دائما وأن يكون الحج هو التقرب إلى وجه الله وليس المفاخرة أو حيازة الألقاب أو الرياء فيجب أن تكون النية خالصة، ولم يترك الشعراء مناسبة عظيمة مثل فريضة الحج إلا وكتبوا عنه أحسن الكلمات التي تدل على تمسكهم بأركان ومناسك الحج، وهناك الكثير من الأشعار التي تحدثت عن الحج ومناسكه نوردها اليوم في مقالنا هذا.
قصيدة ابن الأمير الصنعاني المشهورة
في ذكر الحج وبركاته
أيا عذبات البان من يمين الحمى *** رعاكم الله في رفاكم قطعنا
سرقناه من شبابه ورفاهته *** وعندما سرقنا السعادة منه سرقنا
وحانت جيوش البين، مقدمها القضاء، فدمرت شملا في الحجاز، نظمنا
حرام بذي الدنيا دوام اجتماعنا، فكم صرمنا للشمل حبلا ووصلنا
أين هي أيام التمتع بالشباب وليلة السهر مع العاشقين
ونحن لجيـران المحصـب جيـرة *** نوفي لهم حسـن الـوداد ونرعـاه
ونبقى وحيدين مع من نحب عندما يغرب النهار *** ويظهر علينا من نرغب في حياته
فقرب ولا بعد وشمل مجمع وكأس وصال بيننا قد أدرنا
إليك أيام الحياة وغيرها من الموت، ليتها لم تشهد أوقاتا كهذه
فيا ما أمر البينة، ما قتل الهوى، *** يا هوى، إن الهناء قد سلبنا
فوالله لم يبق الفراق لذيذا *** فإن سبيل الفراق فرقنا
فأحبابنا بالشوق والحب والجوى، لا يحل لنا قطع عقد العشق
نحن نلحق هوانا بكم وودادنا *** بميثاق عهد صادق لم ننقضه
أرجعوا لنا أعيادنا في أراضيكم، وقضينا أوقات سعيدة ونحن تحت حمايتكم
العيش ليس إلا ما أنفقناه في مكافحة الحمى *** أقدم نفسي فداء لمن عدنا من عمرنا
لو كان بين يدينا أن نغمض أعينه *** يا ليت لقد فقدنا وقت الفراق
وترجع أيام المحصـب مـن منـى *** ويبـدو ثـراه للعيـون حصـبـاه
تتأرجح فيه العيس بين ثمامة *** وتستنشق الأرواح رائحة الأزهار
نشتكي إلى أحبائنا لطول اشتياقنا لهم وماذا واجهنا من فراق
فلتكن الدنيا إذا لم يعاينوها …. هم الهدف في البداية والنهاية
عليكم سلام الله يا ساكني الحمى *** بكم طاب رياه بكم طاب سكنا
ولو ليس بسببكم لم نشعر بالرغبة *** ولم يتفاجئ قلبنا بشوقه إليه
وجدنا أسكان وادي المنحنى، وفيها وجدنا حماكم، هو مغنى شغفنا
نشتاق بشوق إلى تلك الأراضي *** حيث لدينا عهد واتفاق عقدنا
وبالله رأينا ما سألنا عن أرضكم… ولم نرى من أرض غيرها ما رأيناه
ألم يحن الوقت للعودة إلى ربع الأعاريب؟ فذلك واجب وحق الله، ربع حببناه
قضينا فيه مع الأحباب مصيرا *** حتى يوم القيامة، لا تنس سقاء الله الرحمة
فشدوا مطايانا إلى الربع ثانية *** فإن الهوى عن ربعكم ما ثنينا
ذكر البيت والطواف
في ربعهم الأربعة يوجد بيت مبارك لله، إليه يتوجه قلوب الناس بالحب والتقدير
يطوف به الجاني، فيغفر ذنبه، وتسقط عنه جريمته وخطاياه
كم هو لذيذ وممتع لطوافه *** فإن الله يجعل الطواف أجمل وأسهل
نتجول كما لو كنا في الجنة … ولا هم ولا حزن ، فقد تخلصنا منها
فتوجه شوقنا نحو الطواف وعتقه *** فإنه شوق لا يفهمه أحد غيرنا
فمن لم يذقه لم يذق قط لذة *** فذقه تذق يا صاح ما قد أذقنا
والله لن ننسى الحمى في قلوبنا، هناك تركناها، فكيف ننساها؟
هل ستعود رحلتنا إلى طوافنا *** وهل ستسبق الحمى الموت لنا
وبالله، لا ننسى الزمان الذي قطعناه، وكل القلوب استمتعت بذلك المسر
وقد نسينا أولادنا ونساءنا وأموالنا، فالقلب عنهم شغلنا
ظهرت لنا أعلام الوفاء، وعلى الوجه الآخر توجد الأعلام التي جعلت قلوبنا تنزف
جعلنا إله العرش نصب عيوننا، وتركنا من دونه خلف الظهور
وسرنا نشق البيد إلى البلد التي بجهد وتضحية شقت للنفوس وبلغناها
قد أتينا كرجال وركاب على كل مضطر ومن كل واد عميق
نتحدى البر والبحر والظلام لأجله … ولا يمكن قطعه إلا إذا قطعنا عنه
ونطوي الفلاة من شدة الشوق للقاكم، فتمسي الفلاة تحكي سجلا قطعناه
ولم نصد أحدا عن قصد، فقد قبلنا الجميع *** ولم نهجر جارا أو حبيبا أبدا
أموالنا مبذولة وأرواحنا، ولم يبق شيء منهما ما لم نبذله
عرفنا ما نرغب ونسعى للحصول على فضله *** فكل شيء يصبح سهلا بفضلنا
فمن يعرف ما يراد، يسهل عليه المصاعب، ويحب كل ما يحتويه
يا لو كنت ترانا كجماعة *** ضائعون ومشتتون نحو مكة ولا
لله يا ليال كم قضيناها في السرية *** وبرأنا بالسير اليعسوبي
وكم من طريق مخيف في رحلتنا قطعناه، وعبرنا واد مليء بالمخاوف
وإن قيل إن النار دون مزاركم، دفعنا إليها والعذول رفضناه
فإن مولى الموالي دعا لزيارته *** أنقعد عنها والمزور هو اللئيم
اشتعلت الشوق واشتعل الحنين *** فمن يحتمل الصبر ويشتعل بالهوى
وأسرى بنا الحادي فأمعن في السرى *** وولى الكرى نـوم الجفـون نفينـاه
الإحرام من الميقات
عندما بدأ ميقات إحرام حجنا *** نزلنا به والعيس فيه أنخنا
ليتطهر فيه الحجاج ويحرموا *** فمنه نلبي ربنا لا تحرمنا
ونادى مناد للحجيج ليحرموا *** فلم يبق إلا من أجاب ولبا
وجردت القمصان والكل أحرموا *** ولا لبس لا طيب جميعا هجرنا
لا نلهو ولا نصطاد ولا نقترب من النساء، ولا نرتكب أي فعل فاحش، لقد رفضنا كل ذلك
أصبحنا كأموات، لفينا جثاميننا *** بأكفاننا نحن المتذللون لله
ربما يرى ذل العباد وكسرهم، فيرحمهم الرب الذي يرجون رحمته
ينادونـه : لبيك لبيك يا عال *** وسعاديك كل الشرك عنك نفينا
لو كنت يا هذا تشاهد حالهم *** لأبكاك ذاك الحال في حال مرا
وجوههم تغشاها الغبار وشعث رؤوسهم *** فليس هناك رأس إلا للإله كشفنا
ارتدينا دروعا من الخضوع لربنا *** ولم نخلع درعا من المعاصي
وهذا أمر قليل في كثير خطايانا *** فطالما عصينا رب العباد
في سعينا نحو زمزم، ركبنا الدواب المطمئنة *** ونحو الصفا صففنا جموع الوفود
مكانتنا في الغرفة المشرفة للخليل عظيمة، وقد سبقنا اليها وحثنا الركاب
– “ونحن نلتقي في الصعود والهبوط، هذا هو حالنا في كل مرتفع وهبوط تقدمنا فيه
وكم ازددنا عاليا في رفودنا *** وتعلو بأصواتنا عندما نرتفع
نحن نحج لبيت حجه الرسل قبلنا *** لنشهد نفعا في الكتاب وعدنا
دعانا الله إليه قبل بنائه، فقلنا له لبيك، يا داع أجبنا
جئناك لبيناك، يا ربنا، *** هربنا إليك وتركنا الأنام
وجهك يشهد أنك للقلب قبلة *** إذا ما حججنا أنك للحج رمنا
ما البيت، ما الأركان، ما الحجر، ما الصفا؟ *** وما زمـزم أنـت الـذي قـد قصدنـاه
وأنت نعمتنا، أنت هدفنا الأعلى *** وأنت الذي نرغب فيه الدنيا والآخرة
ها أنت ذا، قد تشددنا الرحلة ونخترق الفلاة، وكم من سد سددنا في سوادها
كذلك ما زلنا نحاول سيرنا *** نهارا وليلا عايشين ما أرحنا
حتى ظهرت إحدى المعالم من منى، هب نسيم وصال وانفصلنا
ونادى بنا حادي البشارة والهناء… فهذا الحمى هذا ثراه غشينا
رؤية البيت
وما زال وفد الله يتجه إلى مكة *** حتى ظهر البيت العتيق وركناه
تواجد ضيوف الله بالذكر والدعاء *** وتكبير الحجاج عندما رأينا
وقد كادت الأرواح تزهق فرحـة *** لما نحن من عظم السرور وجدناه
تصافحنا الملائكة إذا ركبنا *** وتحضننا إذا التقينا سائرين
طواف القدوم
انطلقنا بها سبعة ورملنا *** وأربعة سيرنا كما أمرنا
هكذا طاف الهاشمي محمد. طاف قدوما كما طفنا
وسالت دموع من عيوننا كغيوم *** على الخطايا التي ارتكبناها في الماضي
نحن ضيوف الله، قد جئنا إلى بيته *** نرغب في القرب من الله ونتمنى الخير
نادى ضيوفي ليبادروا *** ويروا أعيننا قبل الحجاج
غدا سترونني في جنان خلودكم وأنتم تنعمون بالنعيم الذي أعددناه
في أي قرى يرتفع قرانا لضيفنا، وما هو ثواب يضاهي ما حصلنا عليه
وقد أقلنا عثاره كل مسيء *** وقد وضعنا وزر إلا عنكم إلا
ولا نصب إلا وعندي جزاؤه *** وكل ما أنفقتموه حسبناه
سأعطيكم أضعاف أضعاف مثلـه *** فطيبوا نفوساً فضلنا قد فضلنـاه
أهلا بكم في منزلنا *** حيث تأتون لأداء الحج لا لبناء بيوتنا
أدعوا الجزاء مني المكافأة والرضا *** ثوابكم يوم الجزاء أتولاه
فاحتفلوا بفرح وابتهاج وشاركوا *** وترحلوا وتجولوا بفضل ابننا الذي فتحنا له
– وليس هناك ذنب إلا أننا قد غفرناه عنكم *** وكان أي عيب عليكم قد سترناه
فهذا الـذي نلنـا بيـوم قدومنـا *** وأول ضيـق للصـدور شرحنـاه
المبيت بمنى والمسير إلى عرفات
وبتنا بأقطار المحصب من منـى *** فيا طيب ليـل بالمحصـب بتنـاه
في يومنا ذهبنا إلى الجبل الذي … جئنا من بعيد عندما وجدناه
لا حج إلا أن نكون في أرضه… وقوفا وهذا ما ورد في الصحيح سمعناه
إلى الله المطلوبون قادمون *** فإن لولاه ما حجبنا السير
وسرنا إليـه قاصديـن وقوفنـا *** عليه ومن كـل الجهـات أتينـاه
على علمي الوقوف بجلالته *** فلا تزالان تحميان وتحرسان الأرجاء
وبينهما ذهبنا إليه بالزحام… يا لذة هذا الزحام ليته يعودنا
وعندما رأيناه تعالى يثير ضجتنا *** نستجيب وبالتهليل نملأ
وفيها نزلنا بكرة بذنوبنا ولم نحمل ثقل المعاصي
الوقوف بعرفة
وبعد زوال الشمس كنا واقفين، نبكي إلى الليل ونطلب الدعاء
فكم حامـد كـم ذاكـر ومسبـح *** وكم مذنب يشكـو لمـولاه بلـواه
فكم خاضـع كـم خاشـع متذلـل *** وكم سائل مـدت إلـى الله كفـاه
– وجعل عزيزا يقف متواضعا لنا *** وكم ثوب عز في الوقوف ارتدينا
والله الذي نادانا للخضوع، خبير عليم بما نريد
ولما رأى تلك الدموع التي جرت *** وطول خشوع مع خضوع خضعناه
تجلى علينا بالتوبة والرضا *** وأزهانت ممتلكاتنا عندما وقفنا
وقال انظروا شعثا وغبرا جسومهم *** أجرنا أغثنا يا إلها دعونا
وقد هجروا أموالهم ومنازلهم *** وأولادهم والجميع يرفع شكوى
إلي فإني ربهم وملكهم *** لمن يشتكي المملوك إلا لمولاه
– “فاشهدوا أنني غفرت ذنوبهم، فانسخوا ما كان عليهم من أشياء نسخناها
فقد بدأت تلك المسـاوي محاسنـا *** وذلك وعـد مـن لدنـا وعدنـاه
فيا صاحبي من مثلنا فـي مقامنـا *** ومن ذا الذي قد نال ما نحن نلنـاه
وقفنا في موقف على عرفات، فيه يغفر الذنوب ويمحوها
وقد أبتسم الله لنا بوجهه وقال: ابشروا، فقد نشرنا العفو فيكم
وعنكم ضمنا كل تابعة جرت *** عليكم وأما حقنا فوهبنا
بذلنا لكم ما استطعنا جمعه *** ولا يوجد لدينا عذر
إيها الذي يحزن لما أصابنا، يا من عصى، لو رأيتنا *** وأعباءنا تلقى ويرحمنا الله
ذكر خزي إبليس اللعين
فإبليس يشعر بالحزن بسبب الكثير مما يشهده من تحرير العبيد، وهو مهزوم ومتذلل
على رأسه يحثو التراب مناديا *** بأعوانه : ويلاه ذا اليوم ويلاه
ويتجلى الحزن والندم من خلالنا… ونهدم كل بناء قمنا ببنائه
تركناه يبكي بعدما كان يضحك، فكم من ذنب لاحقنا بسبب تلك اليد
وكم من أمل تحقق يوم قمنا… وكم من أسير للخطايا تحررنا منه
كم مرة طلبنا من الله أمورا*** ونسينا أي منا نحن نحب
وخصصت الآباء والأهل بالدعاء، وكم صاحب دان وناء ذكرنا
كذا فعل الحجاج هاتيك عـادة *** وما فعل الحجاج فيه فعلنـاه
واستمررنا في الوقوف حتى وقت الغروب، ثم قيل لنا انصرفوا، فكل واحد منكم قبلنا
الإفاضة والمبيت في مزدلفة وذكر الله عند المشعر
فاضوا وأنتم حامدين لإلهكم… إلى موقع جاء الكتاب بذكره
اذهبوا إليه واذكروا الله عند ذلك، فتوجهنا ونزلنا في وقت المساء
وفي هذا نجتمع مغربا وعشاءا *** فترونا نعود ونجتمع مرة أخرى
وبعدما تعبنا في السعي، وصلنا إلى أماننا *** وشكرناه على ما هدينا إليه
ومنه أفضنا حيثما الناس قبلنا *** أفاضوا وطلبنا غفران الإله
نزول منى والرمي والحلق والنحر
وكانت منى محطتنا التي احتفلنا بها كعيدنا، وحققنا بها ما كان القلب يتمناه
فمن بينكم يا أصدقائي هو عيدنا بالله، فعيد مني رب الخلق الأعلى
وفي ذلك ألقينا عقابنا … ولا يوجد عقاب إلا مع إلقاء
وبدأنا برمي الجمرة القصوى، وعند ذلك، قصرنا شعورنا وتحلقنا
عندما حلقنا، حل لنا مشكلة لبس الملابس، فقد ارتدينا حلقة منها
ونحن نضحي بالهدي تطوعا لربنا، وعندما نضحي نحن ننتصر على إبليس
وبعد ذلك يأتي يومان للرمي بسرعة… فيهما نرمي وندعو الله
وإياه أرضينا برمي جمارنا ورجم شياطيننا الملعونة
وبالخيف أعطانا الإلـه أماننـا *** وأذهب عنا كل ما نحن نخشـاه
النفرة من منى
رجعت فودنا إلى البيت الحرام.. تشتاق إليه كما يشتاق الطير إلى مأواه
طفنا بطواف للتفاضل حوله… وانتصرنا به بعد المشاجرة وقمنا بزيارته
بعدما زرناها، دخلناها بكأننا دخلنا الجنة، كأننا وصلنا إلى الخلود
وحصلنا على أمان الله عند دخولهم… هكذا أخبرنا القرآن فيما تلاوته
يا منزلا كان أفضل منزل *** نزلناه في الدنيا ومكانا سكناه
ترون حجة أخرى إليه ودخولا *** وهذا على طريق الحياة نتمناه
إن أخواننا، كانت لحظات دخولنا إليهم أجمل، وبقينا متواجدين في أعماقهم
طواف الإفاضة
نطوف به والله يحصي طوافنا لكي لا يسقط عنا ما نسينا ونحصيه
وبالحجر الميمون عجنا فإنه *** لرب السماء والأرض للخلق يمنى
نحن نقبله من حبنا لإلهنا، وكما نلثم لثمة طواف الكعبة
وذاك لنا يـوم القيامـة شاهـد *** وفيـه لنـا لله عهـد عهدنـاه
ونؤدي الركن اليماني بالطاعة *** ونستغفر الله إذا مسناه
ونحن ملتزمون به، نلتزم عهودنا لربنا *** وعهدنا له يظل مستمرا
وكم من موقف يجيب لنا الدعاء، فدعونا به وتوجهنا نحوه
الصلاة بالمقام والشرب من زمزم والسعي
وصلينا بأركان المقام حجاجنا، وفي زمزم ماء طاهرا ردنا
فيه الشفاء وفيه بلوغ مرادنا *** عندما نتمنى أن نشرب منه
وبين الصفا والمروة يسعى الحجاج *** فإن اكتمال الحج يستوجب السعي
فسبعا سعاها سيد الرسل قبلنا، ونحن اتبعناه فسبعا سعينا
نهرول فـي أثنائهـا كـل مـرة *** فهذاك من فعل الرسـول فعلنـاه
تمام الحج والتحلل الثاني
بعد اكتمال الحج والعمرة كلها، حللنا وبقيت أعيانا قد تعبنا
فمن يشاء، يحج بالصيد والطيب والنساء *** ولقد تم حج الإله، حججنا
وعندما أعتمرنا، كان أفضل عمر لدينا *** زمنا نراه في عمرنا المعتمر
ذكر أقسام الدعاء بعد تمام النسك
لما قضينا مناسك للإله… ذكرناه وسألنا المطلوب منه
من يطلب نصيبا في الدنيا فليس له حظ بما يأتي بعده إذا لقي الله
ومن طلب الحسن في الدنيا لدينه، وحسن في أخراه وذلك يوفى
وآخر لا يريد من الله شيئا *** إلا أن ينظر إليه في وجهه يوم القيامة
طواف الوداع
وأصبحنا حجاج الله في الكعبة، ورحمة رب العرش تحيط بنا
دعا رفاقه للرحيل، فلن ترى سوى دمعة عين مختلطة بالدماء
سلكنا الأمور صعبة لفرقة بيت الله والحجر الذي… لأجلهما
وودعت الحجاج بيت إلهها، وعيونهم جار من الحزن
فلله كم بكى وصاحب حسرة *** يود بأن الله كان توفى
لو شهدتم وداع البيت يوما لبيته… فإن فراق البيت صعب ومؤلم وجدناه
فما فرقة الأولاد والله إنه *** أمر وأدهى ذاك شيء خبرنا
فمن لم يجرب ليس يعرف قدره *** فجرب تجد تصديق ما قد ذكرناه
لقد تعبت قلوبنا وأكبادنا بسبب ما مررنا به من مصائب الفراق
والله لـولا أن نؤمـل عــودة *** إليه لذقنا الموت حيـن فجعنـاه
ذكر الرحيل إلى طيبة وزيارة النبي عليه الصلاة والسلام
بعد أن أنهينا طوافنا وتوددنا *** سافرنا إلى مغنى المصطفى ومصلى
ووالله لو اشتعلت النيران *** واندلعت الحروب بدونه لم نتركه
ولـو أننـا علـى الـروس دونـه *** ومن دونه جفـن العيـون فرشنـاه
يسيطر علينا بالوصول ويسلب منا… كل ما نملكه ونمتلكه
لكان يسيرا في حب أحمد *** وبالروح لو كنا نبيع الوصال لشرينا
ولو لم يكن محمد لم نكن *** نسعى إلى الطيبة ونحمل الركاب
ولولاه لم نشتاق للعقيق ولا قبا *** وولولاه لم نشعر بالحنين للمدينة
الهدف هو أن نغني بنجد وحداتنا، وإلا فلسنا نجد ولسنا أردنا
مكة والخيف ومنى ليست لي، ولم يكن لها عرفات قبل أن نشرعها
بـه شرفـت تلـك الأماكـن كلهـا *** وربك قد خـص الحبيـب وأعطـاه
سلكنا طريقنا إلى مسجده ورحلنا *** وأمامه شوقنا ظهر لنا
قطعنا إليه كل بر ومهمة، ولم يكن لدينا اهتمام سوى قطعنا
هكذا عزم السائرون نحو الطيبة *** رعاهم الله وعزمهم للحبيب قد عزمنا
وكم جبل ورمل وحاجز تجاوزناه، ولله كم واد وشعب عبرناه
نحن نترنح نحو محمد بشوق، فنستري ولا نعرف بما قد مررنا به
عندما بدأت يظهر الحزن على العقيق *** رأيتنا نحتفل ونبتهج بالرؤيا
شممنا نسيما قد أتى من طيبة، فمرحبا بك يا نسيما يشممنا
الفرح قد امتلأت قلوبنا *** وما مثل السرور ما سررنا
فوا عجبه كيف قرت عيوننا، وقد أيقنت أن الحبيب قد أتانا
ولقياه منا بعد بعد تقاربت *** فوالله لا لقاء تعادل لقيا
وصلنا إليه واتصلنا به قربا *** فإن الوصول إلى الله أمر جميل ونحن وصلنا
وقفنا وسلمنا عليه وإنه… بلا شك يسمعنا ويحفظ ديننا
ورد علينا بالسلام سلامنا، وزادنا فوق ما بدأنا به
هكذا كان خلق المصطفى وصفاته… وبذلك في الكتب الصحيحة عرفناه
ثم دعونا ندعو لجميع الأحباء *** فكم من حبيب خصصنا للدعاء
وقد أعددنا لتسليم الإمامين عنده *** فإنهما حقا هناك مضطربان
وكم قد مشينا في مكان به مشى *** وكم مدخل للهاشمي دخلنا
تمتعنا بجمالها ومشاهدها الجميلة، وقمنا بالصلاة في مكان مقدس
وقد نشرنا شوقنا لحبيبنا *** وشفينا كم من غليل في القلوب
وقد سجدنا في مسجده لربنا *** فإن أعلى سجود هو سجودنا
نحن قمنا في حديقتك، إليك هذة الجنة… فبشرى لمن يصلي فيها ويفوز
ومنبره المؤمن منه بقية، ووقفنا عليها وأعيدنا القلب
بنفس الطريقة التي تحن قلوبنا إلى الجذع … نحن نحبه كما يحب الحبيب
زرنا قباء حبا لأحمد عندما مشى *** عسى أن يخطو قدما يتجاوز المقام
لنبعث يوم البعث تحت لوائه *** إذا الله من تلك الأماكن نادى
زرنا مزارات البقيع فلقد دفنا والموت أعطانا رزقنا
زرت حمزة ومن حوله *** شاهدا وواحدا، بأعيننا شهدنا
وعندما بلغنا زيارة أحمد، شكرنا وحمدنا ربنا
ثم صاح بالبين صاحبه، وقال ارحلوا يا ليتنا لم نتعثر
سمعنا له صوتا بتشتت اجتماعنا *** يا له من أمر للصوت حين سمعناه
وبدأنا نصبو إلى مصطفى لوداعه *** ولم يكن هناك دموع إلا للوداع تسكبنا
ولا يمكن أن يكون هناك صبر عند فراقه؟ *** وبالتأكيد لا يمكننا أن نصبر عن فراقه
هل يتحمل ذو العقل فراق أحمد *** لا، والله الذي بين قوسين قريبين
فواحسرته من وداع محمد *** وأواه من يوم الفراق ويلها
سأبكي عليه بقدر جهدي بناظر *** من الشوق ما يرتفع من الدموع غربا
عندما تقدم وداعا له، لا تتردد في أمره *** وعند اللقاء، والله أنه لأجمل
ربما يقربني الله من أحمد ثانية، يا ليت أن يقربنا من الحبيب ويدمجنا
يا رب، ارزقني عودة تجلب لنا التضاعف في الثواب والرضا
رحلنا وتركنا لديه قلوبنا، فكم جسد بلا قلب قلوبنا
عندما تركنا ربعنا خلفنا *** لم ننظر إلا إليه ورددنا
نستمتع بالنظرة إلى بعضنا البعض … عندما يسعدنا الفرح ، نسعد
فلا عيش يهنى مع فراق محمد *** أأفقد محبوبي وعيشي أهنى
دعوني أموت شوقا إليه وحرقة *** واكتبوا على قبري أني أحبه
أيها صاحبي، هذه الأمور التي تحدثت عنها، وهذا ما عملنا في حجنا
إذا كنت تشتاق، فاسع إلى الحمى لترى آثار الحبيب ومساراته
وبيت الله الذي يتمتع بالشرف قد حظي بذلك من قبله قبل أن نحن نعتبره قليلا
ألست ترى الآيات كيف تتوالى *** فاسرع واستفد منها كما استفدنا
اذهب إلى عرفات بسرعة في العمر وتفوق، فإن إله الخلق سيمنحك نعما
وعيد مع الحجاج يا صاح في منى، فعيد منى فوقه عيد وأسنا
افهم من ذلك وقم بالتنفيذ واذهب مستعدا إلى المنزل وقم بصنع ما صنعناه
كن صبورا إذا واجهتك صعوبة *** فإن تحملتها، اصبر كما صبرنا
لقد ابتعدت تلك العلامات والربى *** فكم من أرواح مع غدونا غدت
تقدم نحوها بدون تردد، فلا تكن مترددا *** لعلك تحظى بما حظينا به
وقد حج بمال حلال تعرفه *** وأنت والمال الحرام ليسا مقبولين
فمن كان حجه ممولا بالمال المحرم، فحجته، والله، لم تكن أغنى
إنه إذا كان جوابه “لبيك” فهو من الله، ليس جوابا لله
هكذا جاء في الحديث مكتوبا، ففي الحج لدينا أجر عظيم قد سمعنا به
وبعد الحج، اذهب لزيارة مسجد أحمد، ولا تتردد في ذلك حتى لا تندم
فوا أسف الساري إذا ذكـر الحمـى *** إذا ربـع خيـر المرسليـن تخطـا
والحاج الذي يأتي بحج وعمرة *** إذا لم يكملها بالزيارة مشواره مضيعة
يعزى لما فاته من زيارته *** لأنه فاته أجر كثير في الزيارة الأخرى
نظرنا له حقا عندما ظهرت ركابنا، بنية حقيقية وعيناهم صادقة
زادت رغبتنا عند اقترابنا منها… فما أجمل اقترابنا من دنيتنا الخاصة
عندما ظهرت أعلامها وأعلامها الصفراء *** خفت الركبان من ما نحن راكبوه
وسرنا ماشين برفقة محمد، حثنا الخطى حتى دخلنا المصلى
لنستفيد من ضعف الثواب في المسجد *** صلاة الشاب فيه يكون بألف تفوح
كذلك اغتنم في زيارة طيبة *** كما فعلنا واستفد مما استفدنا
فإذا رأيت القبر قبرا لمحمد *** فلا تقلل من احترامه، فذلك هو الأولى لعلي
وقف على قبره وسكنة *** ومثل رسول الله حيا معه
وسلم عليه وعلى وزرائه عندما يحملهم *** كم زرنا لنحصد الثمار بعدها
وبلغه عنا لا تنقطع سلامنا *** فأنت رسولنا المبعوث بواسطة الرسول
ومن كان بيننا مبلغا لسلامنا *** فإنا سبقنا ببلاغ السلام
أي نعمة لله لم نشكرها *** نقوم ولو بمد البحور
نحمد الله على حجنا إلى رب العرش *** وختمنا الرحلة بزيارة قد كانت الختام
عليك سلام الله ما دامت السماء *** سلاما كما يبغي الإله ويرضى
مناجاة وتوجع
يا إلهي، قد أتيت إليك ملبيا *** فبارك حجتي ودعائي يا إلهي
قصدتك مضطـراً وجئتـك باكيـا *** وحاشـاك ربـي أن تـرد بكائيـا
فخري أنني عابد لك … فرحتي أن أكون عبدا مخلصا لك
يا إلهي، إنك الله لا شيء يشبهك *** فأفعم قلبي بالحكمة والمعاني
جئت بدون طعام، وجودك يروض جوعي *** ولم يخذل من يتوق لكرمك المسارع
ها أنا آت إليك يا إلهي في رجاء *** تمت شفاعتي وقلبي خال من ذنوبي
وكيف يرى الإنسان المتعة في الأرض، وأصبحت القدس الشريف ملاهي
يجوس به الأنذال من كل جانب، وكان للأطهار قدسا وناديا
معالم إسراء، ومهبط حكمة *** وروضة قرآن تعطر واديها
من كتاب وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم
محمد بن جميل زينو
قصيدة لابن القيم
من الذي زار بيت المحبون *** وقدم له الاحترام والتقديس
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعا *** لعزة من تعنوا الوجوه وتسلم
يهلون بالبيداء لبيك ربنا، لك الملك والحمد، أنت العالم بها
دعاهم فلبوه رضا ومحبة *** فلما دعوه كان أقرب منه
شعث رؤوسهم وغبارهم يغطيهم في أنحاء متفرقة، وهم أسرى فيها ومنهكين
وقد تركوا الوطن والأهل رغبة، ولم يثنهم تعلقهم بذواتهم والتنعم
يسيرون من أقطارها وفجاجها *** رجالا وركابا ولله أسلموا
عندما رأت أعينهم منزله الذي *** تشتعل قلوب الناس شوقا إليه
كأنهم لم يقموا بتركيب خيمة قبلها، لأن سعادتهم قد انتقلت عنهم
كم لله من عبرة مهراقة *** وآخرى تأتي على آثارها دون التقدم
وقد شرقت عين المحب بدمعها… فينظر من بين الدموع ويسجم
ذهبوا ليطلبوا التعرف على رحمة … ومغفرة ممن يسخر ويكرم
ذلك هو الموقف الأعظم الذي تفوق مثله موقف يوم العرض، بل هو أعظم من ذلك
ويقترب الجبار بجلاله *** يتباهى بأملاكهم، فهو الأكرم
يقول عبادي قد أتوني محبة *** وإني بهم برا أجود وأكرم
أشهدكم أني غفرت ذنوبهم *** وأعطيتهم ما أملوه وأنعم
فبشراكم، أيها أهل ذا الموقف، الذي *** به يغفر الله الذنوب ويرحم
كم من عتيق بها كمل عتقه *** وآخر يسعى وربك أكرم
قصيـــدة يا راحلين إلى منى بقيادي
ورد في تاريخ العرب أن البرعي انطلق في حجه الأخير على جمل، وعندما قطع الصحراء التقى بالحج الشامي
وعلى بعد خمسين ميلًا من المدينة، كان النسيم مشبعًا بالرطوبة والعطر الذي ينبعث من الأماكن المقدسة، مما زاد شوقه للوصول إليها ، ولكن المرض حال دون ذلك، فكتب قصيدة مع آخر بيت يعبر فيه عن رغبته في الرحيل. يقول البيت:
يا راحلون إلى منى بقادي، همجتموا قلبي في يوم الرحيل
أنتم سريتم وذهبتم، أيها الحنين … الشوق أزعجني وصوت الندا
وحرمتم مني النوم ببعدهم… أيا ساكني المنحنى والوادي
ويلوح لي بين زمزم والصفا… عند المقام سمعت صوتا ينادي
وقال لي يا نائما جد السرى *** عرفت تكشف كل قلب صاد
من حصل على نظرة في عرفات لمدة ساعة… حصل على السعادة وتحققت جميع أمانيه
والله، كم هو جميل الاستيقاظ في منـى في ليلة العيد، فهي أفضل الأعياد
قد ضحوا بضحاياهم وسالت دماؤهم *** وأنا المتيم قد ذبحت قلبي
لبسوا ثياب البياض كرمز للقاء *** وأنا المصاب قد ارتديت السواد
يا رب، أنت وصلتهم، فصل علي بفضلهم، يا رب، وانقض قيادتي
فإذا وصلتم سالمين، فبلغوا … مني السلام لأهل ذلك الوادي
قولوا لهم إن عبد الرحيم مغرم، وأنا منفصل عن أحبابي وأولائك
صلوات الله عليك، يا علم الهداية *** لا يسلك سوى الصالحون أو المنادون
هي قصتي يا إخوتي
د.عبد المعطي الدالاتي
المغادرون إلى ديار أحبتي *** عتبي عليكم.. قد أخذتم مهجتي
وتركتم جسدي غريبا هاهنا عجبي له! يحيا هنا في غربة
كما قلتم، ليس هناك من يصوم بين القلب والجسد، أيها الإخوة
عندما أكون بعيدا عن جسدي *** وروحي في هدوء الحديقة
قلبي… وأعلم أنه في رحلتكم *** كما كان يوسف في رحلة إخوته كالسلعة
قلبي.. ويحرم أن يسجد ملبيا، أقول لك يا ربي.. يا مجيب الدعاء
قلبي.. ويتجول بين مروة والصفا *** ويدور سبع مرات حول الكعبة
قلبي اشتاق للراحة بعد الشدة، ووصلت إلى عرفة أرض التوبة
إنه مذنب يتوب من خطيئته، إنه محرم يطمح إلى باب الرحمة
قلبي يتوجه إلى المدينة كطائر *** نحو المسجد النبوي عند الروضة
هي واحة نستريح في ظلالها *** في طريق عودتنا إلى جنة الدار
– هل رأيتم رحلتكم إلى أوطان أحبتي *** هل كنتم تسلكون طريق السنة؟
اَلزائرونَ : – هلم بشير قد ألقى بقميص أحمد فوق عزم الأمة
تعثرت خطوات المسلمين وأصبحت المسجد الأقصى أسيرا بيد عصابة
هي قصتي وقصيدتي، ألحانها تحدو مسيري في دروب الدعوة
هي قصتي يا إخوتي ،عنوانُها: *** أحيا و أقضي في سبيل عقيدتي