أفضل ما قاله أبو الاسود الدؤلي
أبو الأسود الدؤلي يعد واحدا من سادات التابعين والشعراء والفقهاء، إذ كان اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني، كما كان نحويا وأول من وضع علم النحو وشكل أحرف المصحف العظيم، ووضع النقاط على الحروف العربية، وذلك بأمر من الإمام علي بن أبي طالب .
لذلك، كانت لشخصية أبي الأسود الدؤلي شأن عظيم واستطاع أن يترك موروثًا ثقافيًا كبيرًا، من الشعر والأقوال والحكم، التي لا تزال تنبض بإنجازاته العظيمة، وهناك مجموعة من أفضل الأقوال والأشعار والحكم والطرائف له .
أفضل ما قاله أبو الاسود الدؤلي
أفنى الشباب الذي فارقت بهجته كر الجديدين من آت ومنطلق
لم يتركا ليَ في طول اختلافهما شيئاً أخاف عليه لذعة الحدق
قد كنت أرتاع للبيضاء أخضبها في شعر رأسي وقد أيقنت بالبلق
والآن حين خضبت الرأس فارقني ما كنت ألتذ من عيشي ومن خُلقي
ومن الحكم في شعره:
لا ترسلن مقالة مشهورة لا تستطيع إذا مضت إدراكها
لا تبدين نميمة نبئته وَتَحَفَّظَنَّ مِنَ الذي أنبأكها
و مما قاله أبو الأسود لصديقه الجارود من الشعر:
أبلغ أبا الجارود عني رسالة يروح بها الماشي لقاءك أو يغدو
فيخبرنا ما بال صرمك بعدما رضيت وما غيرت من خلق بعدُ
أإن نلت خيرا سرني أن تناله تنكرتَ حتى قلت ذو لبدة وردُ
وقيل أنه قائل البيت:
لا تنه عن خلق وتأتِ بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم
وقال ايضا
اترك جارك السفيه واستغن عنه، ستندم وتشعر بعبء ثقيل بعد ذلك. إذا ركضت وراء السفيه مثلما يفعل، فأنت وهو مشمولان بالذم والسخرية. وإذا انتقدت السفينة ولمستها، فأنت ظلمت نفسك في مثل هذا الموقف
وقال
“تعدو الذئاب على من لا كلاب له***وتتقي صولة المستأسد الحامي”
كيف يمكن لمن يهيم بشهواته أن يكون مخلصًا؟
وإذا كان شخصا يقدم لك صنيعة، ويلمح فيها مرة للضعيف
يا أيها الرجل المعلم غيره… هلا لنفسك كان ذا التعليم؟
يصف الدواء لمن يعاني من السقام والضنى… كي يشفيه وأنت سقيم
نراك تصلح عقولنا بالرشاد، وأنت بدورك عديم الرشاد أبداً
لا تتجاهل الخلق وتأتي بنفس السلوك… إنه أمر مخز إذا فعلت ذلك –
ابدأ بنفسك لتنهي الأمور بنجاح … إذا تمكنت من ذلك ، فأنت حكيم
يقبل فخناك على ما وعظته ويستفيد من علمك وتعليمك
وما طلب المعيشة بالتمني ولكن ألق دلوك في الدلاء ِ
وقال
تجئْك بملئِها طوراً وطوراً تجئْكَ بحمأةٍ وقليل ماء
ولاتقعد على كسل التمني تُحيلُ على المقادر والقضاء ِ
فإنّ مقادر الرحمن تجري بأرزاق الرجالِ من السماء ِ
مقدّرةً بقبضٍ أو ببسطٍ وعجز المرء أسباب البلاء ِ
بعض الرزق يأتي بسخاء ويقلل، وبعضه الآخر يكتسب بالجهد والتعب
وقال في قصيدة أخرى
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالناس أعداءٌ له وخصومْ
كضرائِر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبُغياً إنه لدميم
والوجه يشرق في الظلام كأنه بدرٌ منيرٌ والنساء نجوم
وترى اللبيب محسَّداً لم يجترم شتم الرجال وعرضه مشتوم
وكذاك من عظُمت عليه نعمة حسّاده سيف عليه صروم
فاترك محاورة السفيه فإنه ندم وغِبٌ بعد ذاك وخيم
لاتنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
إبدأ بنفسك وانهها عن غيّها وإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهُناك يُقبل ماوعظت ويقتدى بالعلم منك وينفع التعليم
ومن طرائفه :
قال أبو الحسن: كان الغلام يتعثر في كلامه، فجاء أبو الأسود الدؤلي يطلب منه بعض ما يملك، وقال له أبو الأسود: ماذا حدث لأبيك؟”، فأجاب: أصيب بالحمى، ثم طهيته وتحمصته ونفخته وتركته ينضج، فسأله أبو الأسود: إذا، ماذا حدث لزوجته التي كانت تتشاجر وتتفاعل وتتخاصم وتتنازع؟”، فقال: طلقتها وتزوجت امرأة أخرى ورضيت وحظيت بالسعادة والازدهار والتألق، فقال أبو الأسود: لقد علمنا أنك رضيت وحظيت بالنجاح، فماذا حدث بعد ذلك؟”، فأجاب: حدث انزعاج طفيف لم تبلغك به تلك الكلمة الغريبة، فقال أبو الأسود: يا بني، كلمة لا تعرفها عمك يجب أن تخفى كما تخفى النمور مخلفاتها.
– قال أبو الحسن: عندما مر أبو علقمة النحوي ببعض طرق البصرة، هاج به مرة، فاعتدوا عليه بعض الناس وأخذوا يعضّون إبهامه ويؤذنون في أذنه. ومن ثم، تمكن من الهرب منهم وتحدث قائلاً: `لماذا تتكأكأون عليَّ كأنكم تتكأكأون على ذي جنَّة؟ ابْرَنْقِعُوا عنِّي`. فأجابوه: `دعناه، فإن شيطانه يتكلم بالهندية`.
– وقال أبو الحسن: هاج بأبي علقمة الدم، فأتوا بحجام، فقال للحجام: اشدد قصب الملازم، وأرهف ظبات المشارط، وأسرع الوضع، وعجل النزع، وليكن شرطك وخزا، ومصك نهزا، ولا تكرهن أبيّا، ولا تردن أتيّا،فوضع الحجام محاجمه في جونته وانصرف.