الافضلمنوعات

أفضل قصائد الشاعر الفلسطيني معين بسيسو

الشاعر الفلسطيني المبدع ” معين بسيسو” هو من أروع الشعراء العرب، فقد ولد في مدينة غزة عام 1926، تميز بشعره الذي ينبض بكل معاني الحياة التي يعيشها في فلسطين، فقد بدـ بكتابة أول قصائده ونشرها في مجلة الحرية اليافاوية عام 1946 ، ثم التحق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وتخرج من قسم الصحافة عام 1952 ، انخرط في العمل الوطني والديمقراطي كما عمل في الصحافة والتدريس، ولكنه اهتم بالأدب فكتب الكثير من الأعمال الشعرية والتي قد أثرت المكتبة الشعرية الفلسطينية، كما كان له العديد من الأعمال المسرحية والأعمال النثرية، وقد حاز على جائزة اللوتس العالمية، كما حاز على أعلى وسام فلسطيني، وقد اخترنا اليوم في هذا المقال مجموعة من أفضل القصائد للشاعر معين بسيسو.


قصيدة أغنية على جبل النار

جبل النار
يا خيمة دم
في ريح الثورة منصوبة
ما زال وراء المتراس الثائر
ومن الوطن الهادر
وطن الزنبق
والأفق الأزرق
والأيدي المسنونة كالصخر الأحمر
في ليل الخنجر
في الليل الأصفر
من كلّ معسكر
يهديك ضحايانا قمصان الدم
والفجر الأحمر أنشوده
جبل النار
والصيحة في القلب
يا شعلة ورد
تتوهّج في أشواقي
ويضيء شذاها القلب
فترفرف في عينيّ الدرب
وترفرف أصوات رفاق
أسراب رعود
في آفاقي
جبل النار
يا صوت الزيتون الأخضر
يا صوت ” زيادين ” الهدّار
يا ظلّ السيف على عنق الخائن
لبيك أضأت لك البيرق
وأنا في الدرب


حكاية لأطفال عمان

في الحكاية
ينسج الجاني من الدمع قناع
واليد السوداء خنجر
بدم العصفور يبكي
يا صغيري سوف أحكي
لك عن وحش هو الآخر يبكي
لك عن ذئب بشبابة راع
في الدروب الدمويه
تحت شبّاكك قد راح يغنّي
أغنيات عربيّه
وجنود بضفائر
مثل أمراس المشانق
تتلوّى كالأفاعي
تلدغ الأطفال في ليل النهار
هكذا أبطال عمّان الصغار
في اللّيالي يحلمون
بذئاب تتجوّل
في الدروب الدمويه
بشبابة راع
وأغان عربيّه ؟
***
افتحوا أطفال عمّان العيون
تحت شباكمو فجر من الأرض ينوّر
وعلى الباب ” فؤاد ”
صرع الذئب وعاد
من دروب راسفات بظلال البندقيه
يحمل البشرى هديّه
يطرق الباب بنجمه
ينثر الريش بيارق
وزنابق
للسلام
قد طوى ريح سهام
ورماد ظلام
كان قضبان قفص

قصيدة المتاريس
قد أقبلوا فلا مساومه
المجد للمقاومه
لراية الإصرار شاهقه
للموجة الحمراء من صيحاتنا المعلّقه
على الشوارع الممزّقه
ولليد المكّبله
ولليد الطّليقة المناضله
المد للجريح والمثقوب قلبه وللمطارد
مدينتي! قد يأتون من الأظفار والخناجر في الليل
وكنت نجمة تقاتل
أضواؤها العريانة السلاسل
وكانت الذئاب تقتفي خطى الجداول
وكنت ماردا من السنابل
يداه منجلان والجراد زاحف قوافل
يريد أن يجرّ للطاحون مارد السنابل
***
مدينتي يا أدمع البركان، اشتعلت الشموع فيها
ويا ابتسامة الزلازل
مطبوعة سيفا على جبين شعبي المكافح
مدينتي زنبقة خضراء لم تنم على سرير فاتح
ولم تصبّ الزيت في مصباح خائن
رموشه بساط كلّ مقبل ورائح
من صانعي المذابح
ولم تهب ضفيرة أسلاك معتقل
ولم تقبّل سوط طاغيه
كجاريه
مدينتي ! رأيت كيف تنسج الأمل
خطى حبيبك البطل
وكيف قد نشرت من دمائك الشراع
يمخر الحرائق
النار لا تمسه ولا الصواعق
ولا الرصاص طائرا حصى من البنادق
مدينتي ! واحسرة القيثارة الخرساء
للغناء والبلابل
تشدو إلى الأبطال , واعذاب شاعر
في السلاسل
وأنت في السلاسل
ولم تكن تناضل
غير الحروف من شريانه جرت قصائد
***
مدينتي! تهزني أي رعشة وتجتاحني أي عاصفة
من ذكرياتك العواصف
من ذكريات السجن والسجانين والأبطال والمعارك
وخائن تهالك
وفوق صرخة القتيل
والمعذّبين في انتظار
الموت سار ,
وحشا يشدّ للرّحى السوداء ,
كي تدور تطحن الدماء
يداه حبلا كلّ خانق
عيناه شبّاكان للعدوّ منهما أطلّ بالبنادق
على الخيام والمنازل
يصيد إخوتي
أبناء شعبي البواسل
***
الآن يرفع الستار، يا مدينتي، عن المجازر
عن وجه كلّ ثائر
عن الرياح كيف أصبحت تحارب
راية العدوّ في فضائنا مسنونة المخالب
وكيف قد هوت كحيّة
تعضّ في جراحها السواكب
عن اسمك المهيب يا جمال ,
كيف ينسج الغرائب
والمعجزات والعجائب
وكيف كان شمسنا الخضراء في الدياجر
ووردة حمراء في ضفائر
أختي , وفي شبّاكها سربا من البلابل
وكيف كان بور سعيد
صخرة من اللهيب , غابة من السواعد
يا فارس الفوارس
صغنا لك الجواد من صباحنا
وشعبنا أهداك بيرق البيارق
خضنا به الرصاص
موجة من الزنابق
والنار موجة من النسائم
وكانت القيود في المعاصم
كعنكبوت في جنون جوعها
رمت خيوطها على العواصف
وفتح الإصرار زهرة
صدّاحة البراعم
عض في جراحه العدو ، والمتراس شاهق
وبورسعيد بندقية البنادق
وخندق الخنادق
شمسُ من الجراح تسمّرت في الليل
فوق جبهة المحارب
يا بورسعيد.. الفجر طالع ,
هذا صياح الديك يوقظ صوت الرصاص في البنادق
والرياح في الحرائق
وأوشك الصباح أن يمسّ راية المحارب
يا بور سعيد ليس روحك الوهّاج ,
وحده يقاتل
ولا مدينتي وحيدة تقاتل
لك الشعوب رفرفت بنادق
وسرّجت لك البحار والسحائب
وصرخة الأحجار حجّرت
رصاص نيرانه فلم تعد قواطع
أنيابها القواطع
وفي عيونه تسمّر الدخان كالحصى ,
كالشوك كالأظافر

قصيدة الصوت ما يزال
مدينتي , أقراطها الزنابق البيضاء
وعقدها حبّاته براعم الأنداء
يحبّها علاء
أخي الذي يجوع والربيع في مدينتي ذراع
وبرتقاله على الشجر
أخي الذي يرشّه الرصاص والمطر
إليك من دمائه اللألأة السّلام
ومن مدينتي السلام
مدينتي الشاهرة السلاح والجراح
متراسها الأمواج والنيران والرياح
وخلفه تلألأت خوذتها الحمراء
سحابة حمراء
من اللهيب والدماء
ومن قيودي التي تهزّني إلى النضال
إلى الخنادق البعيدة المنال
إلى البنادق الرفرافة الظلال
وفوّهاتها العيون لا تنام
سهرانة على السلام
ومن يدي التي تحنّ للزناد
وضغطة على الزناد
وصرخة الرصاصة الثاقبة الهواء
هواؤك المقاتل الغزاه
الهابطين بالأكفان
من مقابر الفضاء
مصلّبين كالدمى على الهواء
وصرخة القنبلة الثاقبة الأمواج
فتنهض الأمواج
أعماقها المسنونة المياه
تحفر القبور في المياه
ووقفة في أرضك المنبتة العناد
والحقد في النوافذ المكسورة الزجاج
قناعه اللهيب والدخان
فوّهة لبندقية بلا إصبع على الزناد
تقاتل الغزاه
ويحرس الحياه
رصاصها المقاتل الغزاه
وتطلق المدافع الحارسة الفضاء
حمامة من اللهيب والدخان
في الفضاء تحرس الفضاء
والصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
صوت المدينة العنيدة النضال
يرنّ في الأنقاض والدخان
يرنّ في جدارنا هنا فنلعن الجدار
هنا ترفرف الشجاعة المكسورة الجناح
هنا يد بلا سلاح
هنا دم بلا جراح
وبيننا وبين نارك الصديقة اللّهيب
يا بور سعيد هذه الأسوار
لكّنها لم تثننا الأسوار
تطلّعي تري ظلالنا تهبّ كالرياح
إلى خنادق الكفاح
تسلّقت ظلالنا القضبان والأسوار
ظلالنا الشاهرة السلاح
ظلالنا تقاتل الغزاه
والصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
يهبّ في المدينة العنيدة النضال
فتزهر الرجال في الأنقاض والدروب
وتومض الأنفاس في الصدور
وينبض السلاح من جديد
في يد المقاتل الشهيد
وتشهر النيران في النوافذ المكسورة الزجاج
قبضاتها لتلهب الغزاه
وتعصف الرياح كالمدى
تسمّر الغزاه
على مسالك الدروب
وفي مدينتي التي تهزّها
عواصف الكفاح
تهزّها من الجذور
مدينتي التي نهارها رصاص
وليلها رصاص
وأرضها التي تعضّ في خطى الغزاه
الصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
يرنّ في المعسكرات والتلال
وفي خطى النساء والأطفال والرجال
المضي قدما والسلام عليكم يا ابتسامة الكفاح
امض إلى الأمام، والسلام لك يا يدا بلا سلاح
إلى الأمام , والسلام يا رصاصة تطيش
من رعشة الحقد على الوحوش
إلى الأمام , والسلام يا رصاصة تصيب
سلامنا لخندق يشمخ بالمتراس
سلامنا لخندق عار بلا متراس
سلامنا إليك يا فراشة ,
قد رفرفت على غزال
ومن حموا إشراقة النضال
ومن حموا جمال
وأقبلوا عليك بابتسامة السلام والسلاح
وبابتسامة الكفاح

قصيدة السجن الكبير
سيظلّ يحرسه العراق
سيظلّ يخفق في العراق
في ظلّ أقواس المشانق والرصاص
قلب المقاومة العنيدة , والخلاص
جنبا إلى جنب يدقّ مع القلوب
في جبهة السّلم العريضة والشعوب
أترى إلى شعب العراق
يعدو بأشلاء الوثاق ؟
وعلى جواد من لهب
في أرض معركة الشعوب
أترى سنابكه الخّضيبه
بدما مخالبك الرهيبه
هو ليس حلما ما ترى
أم أنت أعمى لا تري
إلاّ كراتشي أنقره ؟
إلاّ كلاب المقبره
والأرجل المتكسّره
أترى إلى فهد الشهيد
قد عاد يا نوري السعيد
قد عاد يركب مشنقه
أولم يعدك بمشنقه
من صنع أيدي الكادحين
وجميع صرعى حكمك الدّموي عادوا يركبون
ظهر المشانق والبنادق والسّلاسل والسّجون
هل تعتقد أنهم قتلوا كما خططت لذلك في الخفاء؟
لكنّهم عادوا ودلّ عليهم زهر الدماء
يهديه الشعب الذي قفزت قواه بدون إنحناء
وبلا فرار أو رجوع
في وجه ما أسميته حلف الدفاع
وهو الخيانة والضيّاع
وهو المرور بلا انقطاع
من تحت أقواس السجون
لكي يستمر تدفق النفط إلى أفواه المستعمرين
ولكي تظلّ وبالسياط تهزّ للمستثمرين
أثمار أيدي الكادحين وإنّ أيديهم غصون
أنا لست مؤيداً لإجراء الوشوم على الصدر
لا أقول أنه يجب تعذيب الظهر بالسياط
إنهم ليسوا أولئك الذين وراء ظهرك، يا عبد
حتى يمرر اليمين متكبرًا فوق القبور
لكّنه كذب وتزوير إذا قلت العراق
أو أنّ فلاّحي وعمال العراق
أرضهم وسماؤهم المليئة بالنجوم ملطخةبالدماء
قد طوّقوا أو طوّقت أوطانهم بالسّلسلة
وغدوا عبيد القنبله
بل صدرك وحده هو موطن القسم الغريب
وهو القواعد والخنادق والمعسكر للجنود
فيا عدوّ المطبعه
وعدّو أشواق الورق
وإلى حروف المطبعه
إن كنت صادرت الورق
فلسوف نطبع بالعرق
فوق الأيادي والجباه
منشور حبّ للحياه
فانشر لصوصك في البلاد
ليصادروا
كلّ الأيادي والجباه
لنصفّ يا نوري الحساب
فليسمع المتآمرون بلا التواء
هذا الكلام من الدّماء
لو يجرؤون ويدخلون
فسيركض الدم في الدروب
معلّقا نيرانه
فليقرأوا نيرانه
ستصبح السيوف حصونا، تتفتح أغصان السلام
ولطائرات قاصفات كلّ أسراب الحمام
وستقفز القضبان غضبى من زنازين السجون
وستستحيل إلى سواعد تضرب المتسلّلين
ومن الجراخ النابضات الفاغره
أفواهها لقواكم المتآمره
سنقيم متراسا ونحفر خندقا للمعركه
ونمدّ أسلاكا من الدم شاهقات شائكه
يبكي الدم الغالي وتتقابل الخنادق
لن تحلبوا إلا أيادي من حديد في الحرائق
أنا أرفع القيود إليك يا نوري السعيد
أنا في عذاب لن يمر به حتى تدرك ما أريد
أنا في حالة من العذاب والاشتعال يتصاعد ويمتد
هو ليس مشردا وعائلتي مشتتة في شتى البلاد
هو ليس موضع شوقي أو حنيني للأصدقاء
لكن لأنني غير متواجد في العراق مع العراقيين
سواء في الشوارع أو في أي مكان، هناك انفجار وانطلاق
هل بدأت بمعرفة ما هو المصير وما هي الجريمة والعقاب؟
بدأت أرى تلك الشرارة المهددة في الضباب
وإلى ضحايا الحلف سوط الإضطهاد والاغتصاب
أيديهم ممتدة بالدم واللظى ومن تحت التراب
بدأت تحصي إرث ما سجنت وما اغتالت يداك؟
إرث المشانق والمذابح والمنافي والهلاك
وحتى يقسم أعداء الشعوب بينهم العار والخزي
بدأتُ في تحزيم الحقائب حيث كنتُ أعتزم الفرار
ويد الجماهير العريضة في الطريق وكالجدار
أين المفر؟ فلا طريق إلى القطار أو المطار

قصيدة جنازة الجلاد
اغسله بدمائه الجارية فالتراب يستحقه أكثر من الماء
يجب رمي جثمانه ورجمه كما رميت البومة في الباقيات من أشلائه
لتمنعوا الشمس من إضاءة الخائن خلال مهرجان فنائه
إذا مشى النجم مشيحاً عن الجنازة بضيائه
ابعدوا حافر القبور عن الأرض التي تلوثت بدمائه
يتم حرق الجيفة الخبيئة واستخدامها للتجوال بها وإظهارها لأبنائهم
واسمحوا بأن يكون رمادك فراشًا للذئب وملجأً للغراب المائل
يا هالك الممدد في الكهف، يُحيي الطارئ بأنفاسه
هل نسيت الجلاد الذي يزلزل عنق المشنوق في سجونه؟
هل نسيت جلاّد عندما كنت تسمع صوت الفناء من أجراسه؟
أتذكر الوحول التي شربتها يا من نقشت جدران كأسك؟
إذا لم تتحد مع الريح وتدمر قاعدة وسقف الثورة، فأنت ميت
وتعيد المنتجات المسروقة من هذه الأرض التي تستغيث بأشجارها
تحرث الجوعى أرضهم المحرومة من الأعراس بأيديهم

قصيدة دقت الساعة
لستُ مسؤولاً عن وجود قبر للنور في بلادي أو للمكافح
وانتشر الظلام كالداء الذي لا يوقفه شيء، وفي الفجر الساطع
أنا أكتب الحقيقة، لكن ثورة الحق في بلادي مرفوضة
قلمي مقيد في الحديد في ظلمة السجن، لا يمكنه الحركة
نفسي تطوف في الظلام بحثًا عن مخرج ولا تجد أي راحة
أبدا أرفع العيون إلى الباب ولا أحمل شعاعا يمر
عندما تسمع صوت الرياح العاتية، تعلم أن العواصف زادت
سيهزم حائط السجن يومًا ما، وراء القضبان سيتنفس الأسير الحرية
مرت الأيام وانصهرت كشمعة وظل الفكر يراودني
فريق أين مدد الأنفاس ليبقى بعيدًا عن موجه الشدة
تذكر شعبي أن لدي دين يجب عليّ أن أسدده
أين أنفاسه التي تحطم قيودي؟ أين ثأره؟
شعبي العملاق في القمقم مثلي والليل فوقه بحر
أشعر بما يشعر به الذي أعاني، وهل يفرح النسر في السلاسل؟
ويجب أن يتمَّ كسر قيده الأسود يومًا ما، وسيأتي النصر بعد الكسر
فإذا صرخة عظيمة تتردد *** وإذا العالم المقيد حر
استخدمي البساط الكبير لتفرشي أظافرك. افعلي ذلك اليوم حتى تشعري بالسعادة
– غدًا سنصنع غدًا العالم وسيكونان بأيدي حمراء
يفرح به الملايين طوال العمر، فلا يوجد فيه ظلمة أو قفر
يعتبر الإنسان الأغلى من كل شيء في الأرض والسماء مجتمعين
جعلناه حرًا كالرياح، ويمسك غدًا النور والزهر في يديه
غدنا قريب وسوف نسير على طريق الفجر
لن نترك السلاح ونترك الأرض مليئة بالأسرى
تعاملوا معنا بشكل متساو تجاه الحياة، فالحياة لها سوقها وقيمتها
عندما يصلي الحرُّ يترك قلمه يلقي ظلاله على الأرض ويفكر
صرخوا بصرخة الغراب عندما شعروا بالخطر واختبأوا واستعدوا للهروب
ثم صاحوا باسم الشعب وهم يشربون دموعهم المتألّمة كخمر
إن تمثالك المقدس، يا شعب، هو حطام متناثر في كل أرض
قتلوه، فخذ الثأر يا شعب، وللميت المقدّس الثأر
ولكن الذين ينادون، يسدّت الريح أذنهم والصباح الأعمى
وعندما رأى الوحش، رأى أيضًا الكثير من الضحايا أمامه
يا شعبًا، يا ميتًا الحياة على أرض يسكنها الموتى
هكذا تُصنع النعوش لترقد فيها، يا شعب زهر
عطر خالد مثقل بندى الفجر، ولكن لا يروي الجوع
هكذا تم تحديد مصيرك الموت على الأرض وأيامهم تماما لشمسك تصبح قبرا
يستغلون سنوات شبابك ويتركونها، وأنت مالك لعمرك
انظر إلى الصين كيف تمردت على الموت، وفي الصين ملايين الناجحين
كيف تزين جدران معبدها الواسعة وتحتوي على الأصنام البيضاوية
صرخات العبيد في أذنيها جمعتها فكتبت عن حياة العبيد ونشرتها
يقول الشاعر: الرياح تسوقها كما يحرك الدهر البطيء الأرض
تم الاتفاق على موعد معه، فطارت الجياد الحمراء لاستقباله
دقّت الساعة الرهيبة وفجّر المارد المخدّر الستر
أُسنِدَ إليه بمعنى أنه وضع على الجدار كأنه قد حصل على السكران
وشظايا الكؤوس غارقة فيه كما غارق جذر الشجر في حشا الأرض
يتمشى حلم التائه في نسمات الصباح والقفر مليء بالشوك والألم
يجب ترطيب الوجه والشروع فيالمشوار، فطريق الصعود صعب ووعر
امتلأ طريقه بالأشواك والدم والدموع ولكنه الممر المميز
يا شرقاً، كنت ظلك في الأرض كسحاب يمر لا يحمل في طياته قطرة
تشرب البوم من جداول الخضر، وتروي عطشك، وليس ترويك من بئر
تحرر من القيود التي يفرضها الوهم وتجعلك تعاني في حياتك
لصوص التاريخ سرقوا من الشعوب ودمروها وفروا بها
وهم المالئون أرض أمانيك بظلم يضل فيه الفجر
ومع ذلك، الحياة أقوى من الموت ولن تهزم الحياة القبر
هي كالبحر، مدها الأمل الذاهب على مر السنين وجزرها اليأس
تظهر الصخور عندما ترتفع المد ولن ينقذ الغريق الصخرة

قصيدة صليل الحبال
أخي يتعرض للضرب بالسياط والقيود الثقيلة
يرى المرء وطن العمال المشنوق بحبال سوداء
لفوه بالخرق وألقوه في ظلمة الحفر
هُويَ بالتراب الكثيف وكأنه لم يكن في ربيع عُمُرِه
أخي من خلال الجدار الكئيب والحطام وفجوات الظلام
تطلع على العيون الغائرة التي تعلقت بأسقف الخيام
هنا يلتهم الجائعون التراب ويعصر الظامئون الحجر
هنا تكتسي الأشياء العارية بالظلام، ومن هنا يأتي الشرر سائراً
أخي من هنا سوف تجري السيول
فتجرف أغلالنا والوحول
ويثأر من قاتليه القتيل
فنقرع أجراسنا والطّبول
ولن نحرث الأرض للمرتوين
من الدّم يجري على كلّ طين
ولكن لأطفالنا الجائعين
وقد ملأوا بالتراب البطون
ولن نستقي قطرات المطر
ولن نكتفي بجذور الشجر
ولكن بكلّ شهيّ الثمر
سقيناه حتى ارتوى وازدهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى