الافضلمنوعات

أفضل قصائد الزهد والحكمة

ظهر شعر الزهد والحكمة في العصر العباسي الأول، وهو التيار الذي ظهر في مقابل تيار اللهو والمجون والترف، والذي يعد من أبرز سمات العصر العباسي الأول وما تلاه من اتباع الغرب وجلسات الغناء، وبالتالي ظهرت مجموعة من الشعراء الذين تمكنوا من مواجهة هذا التيار بقصائدهم وأطلقوا عليه اسم الشعر الزاهد الذي يدعو فيه إلى التوبة إلى الله عز وجل والابتعاد عن تلك التجليات، وفي هذا المقال نقدم أفضل قصائد الزهد والحكمة.

يقول الإمام الشافعي

دع الأيام تفعل مـا تشـــاء*** وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تزعجك حوادث الليالي *** فإن حوادث الدنيا ليست دائمة
كن رجلا قويا في مواجهة الصعاب، وليكن سمتك اللين والوفاء
وإن كثرت عيوبك في الأفعال، وكان سرك يغطيها
تتستر بالسخاء فكل عيب يمكن أن يغطيه – كما قيل- السخاء
لا تظهر الذلة للأعداء أبدا *** فإن سعادة الأعداء في الانتقام
ولا ترج السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني*** وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور *** ولا بؤس يلحق بك ولا رخاء
إذا كنت ذا قلب راض*** فأنت وثروتك سواء
ومن ينزل على ساحته الموت… ليس هناك أرض أو سماء تحميه
وإن أرض الله واسعة، ولكن عندما يحل القضاء يضيق الفضاء
دع الأيام تخون كل حين *** فالموت لا يغني عن الدواء

وقال الشاعر عبد الرحمن العشماوي

لماذا تقلب نظرك بعيدا؟ كأن عينيك لا ترى أي أثر
وكأن قلبك لا يحس بما يجري ولا يستشعر الخطر
كأن كل ما في الكون هو عبارة عن أمثال… وعظات تواجه جدارا
لا أراك عقدت ألوية **** حينما ساقت الظنون الكئيبة نحوك

أما ترون شمس الضحى وعندما يغلب الظلام ، ألا ترون القمر؟
أو ما ترى الأرض التي ابتهجت **** أو ما ترى النبع الذي انحدرا

يا هارباً من ثوب فطرته **** أو ما ترى الأشواك والحفرا ؟
أو ما ترى نار الظـلال رمت **** لهباً إليك وأرسلت شررا؟
لا أراك إلا كنسيم يتعلق بالأغصان، يرى الخطر وهو يرتعش

أنت تستمع لأقوال المصلحين ، حتى إذا فتحت المجال ، أصبحت متبعا للفجر
إن أحسن الناس اتبعت أثرهم **** وإذا أساؤوا تتبعت الأثرا
هل تظل بين الناس طائفة **** تسلك معها الفيضان حيث سلكت
مدهش! ما أسلوبك المتوسط **** كنورة تضيء ظهرها
يا ساكنا في دار غفلته متواريا وتعاتب القدر
نسيت أن الأرض عندما ترى **** الجفاف، تراقب المطر
نسيت أن الغصن ينزعه، عندما يحل الخريف ويفقد جماله الزاهي
لم أرك متذبذبا قلقا، حيرانا يشكو سهرة جفنك؟
هذه هي قطار العمر، لم أتوقف أبدا ولا انتظرت عرباته يوما

فإلى متى ستبقى بلا هدف *** كأنك تجهل السفر
هبت رياح المنتقدين على ديننا، فليكن نظرنا أفضل
– أو ليس للقرآن جلجلة **** في قلبك الشاكي الذي انفطرا
هل أنت مرتبك؟ كيف لديننا أن يكون واسعا وأقل من ذلك ما لديك بالكاد؟

خسرالجزوع وإن سعى سعياً **** نحو المراد ، وفاز من صبرا
الأرض كل الأرض ترقبنا **** وتقول : هذا بابيانكسرا
إذا لم تسلك الطريق الصحيح، هل تأمل النجاة وتسعى للفوز؟
إذا أساء الكريم دون قصد وأخطأ، يعتذرون ويتوبون
هذه هي بلادك، تذكر عبقها العطري، حيث يتسامى المجد ويزدهر
اعتلت راية الحق بعد سقوط أصنامها وضلالها
هي واحة الدنيا، فكم من ظلالها **** سقطت على الحجاج والمعتمرين
فافخر بها إن المحب إذا **** صدق الهوى ،بحبيبه افتخرا
دع عنك من ماتت مشاعره، وفؤاده في حقده ينصهر
أرأيت هذا العقل الذي يمد يده نحو التراب ويترك الثمرة؟
فإلى متى أبقى تدنسني مدينة، وجدانها كفرا
والإسلام ينقذني من محنتي **** مما أعاني يصد الخطر
تدعونا الأرض أن نتركها ونصبح أول عاشق يهاجر
يا واقفا والراكب منطلق **** أما ترى الأحداث والعبر
أوما ترى في العصر عولمةٌ **** جلبت إليك بنفعها الضررا

وعندك مفتاح الصعود فيها **** إن لم تكن مدهشا فاذهل
عد يا أخي، فالبحر ذو أمواج عالية، كم سفينة غرقت في موجه

يقول شاعر

يا من يشاهد مد البعوض جناحها في ظلمة الليل الدامس
يمكن رؤية عروق منطقة النحر فيها، ويتكون المخ من تلك العظام المتهشمة
ويرى خرير الدم في أوعية دموية، يتحرك من مفصل إلى آخر
ويُرى وصول غذاء الجنين في بطنها، في ظلمة الأحشاء بلا تمييز
يلاحظ أن مكان الوطء من أقدامها يتضح في سيرها الحثيث والمستعجل
يمكن للحس أن يشعر ويسمع ما هو دون العيون == في قاع بحر مظلم متهيج
أنعم علي بتوبة تمحو بها ما كان مني في الزمان الأول

وقال آخر

لاح شيب الرأس مني فنصح *** بعد لهو وشباب ومرارة
أيها الإخوة، توبوا إلى الله معنا *** قد تهاوينا وجهلنا ما يصلح
نحن في بيت نشهد الموت فيه، لم يترك فيه لذة القلب فرصة
يا بني آدم، احفظوا دينكم. يجب أن يكون للدين مكانة عظيمة
– وسبحوا بحمد الله الذي أكرمكم بنبي قام فيكم فنجاحا
بنبي فتح الله به *** كل خير نلتموه و منح
كان لو يوزن به الناس في التقوى والبر، لأخفت ورجعوا
فرسول الله أولى بالعلياء ورسول الله أولى بالمد

وقال شاعر

يا بائعًا يبيع نفسه بيعًا للهوان، إذا عدت هذا البيع قبل الفوت لن يخيب

ويعيش البائع طيب العيش بلا خطر، ويرسم بطيف العيش من الآمال مُنتهب

لقد غُبنا فاحشاً وظهر ذلك يوم التغابن الذي تكشف فيه غاية الحرب

ويرى الأشياء كلها سوداء ومع ذلك، يوجد وردة أمامك فهي ليست كذبة

يظل الشاعر يحرس الليل في الظلام، متأهبًا لأي هجوم

تتمنى الشفاء بأعين تعاني من مرض، هل سمعت بشفاء يأتي من عطب

ومفنيا نفسه في إثر أقبحهم ووصفهم بالطخ الجمال فيه متلبي

وهو يتبرع بنفسه بطريقة سخيفة، ولو عرف قيمة نفسه لما قدم

إذا لم تستغل شبابك بالمثابرة والجد، فستضيع وقتك في اللهو واللعب

وقد حان وقت غروب شمس عمرك، والوفاء ما زال في الأفق الشرقي لم يغيب بعد

فاز بالوصل من قد جد، وانقشعت عن أفقه ظلمات الليل والسحب

كم تأخرت الدنيا وانطوت على نفسها، ولكن رسل ربك مازالوا متواجدين وينتظرون

ما في الديار وراحت ركب من الذي يهواه للصب من شكر ولا أرب

انثري ترابا على خديك وقلي ما قاله المتيم بالحب والانتظار

ما ربع مية (1) محفوفا يطيف به، غيلان (1) أشهى له من ربعك الخرب

المنازل التي كان يحبها ويعتز بها ** أيام كانت هي المكان المقرب للوصول

حتى لو كانت الخدود محمرة بسبب الإسهال، فإنها لذيذة أكثر من قريحتك الفاسدة

وكلما رأيت تلك البساتين يهوى إليها بشغف مثلما يهوى الماء في الصبب

أشعر بالحنين له وأتذكر بعض العهود التي قطعناها معًا، ولو أن القلب دعي للراحة لم يستجب

كم منزل يملكه الإنسان في هذه الأرض وكم من الشيء الآخر يرغب فيه ولكن لا يمتلكه

في الخيام ما عوّض أخي وجدي إلاّ بثثه بعض شأن الحب فاغترب

ويُغمر مَن يُهتدى في أعماق الليل بنسيم العطر وليس برائحة العود والحطب

عاد أخي بالجبن والعجائب، وحارب النفس لكي لا تلقيك في المعركة

يجب أن تأخذ لنفسك ضوءًا تستنير به يوم قسمة الأنوار والدرجات

وقال شاعر آخر في قصيدته “ارشف التراب

فرشي التراب
فرشي التراب يضمني وهو غطائي ..
حولي الرمال تلفني بل من ورائي ..
واللحد يحكي ظلمة فيها ابتلائي ..
والنور خط كتابه أنسى لقاءي ..
والأهل أين حنانهم باعوا وفائي ..
والصحب أين جموعهم تركوا إخائي ..
والمال أين هناءه صار ورائي ..
والاسم أين بريقه بين الثناءِ ..
هذي نهاية حالي فرشي الترابِ ..
والحب ودّع شوقه وبكى رثائي ..
والدمع جف مسيله بعد بكاء ..
والكون ضاق بوسعه ضاقت فضائي ..
فاللحد صار في جثتي أرضي سمائي ..
هذي نهاية حالي فرشي الترابِ ..
والخوف يملأ غربتي والحزن دائي ..
أرجو الثبات وإنه قسما دوائي ..
والرب أدعو مخلصا أنت رجاءي ..
أبغي إلهي جنة فيها هنائي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى