الشاعر والأديب والسياسي الإماراتي المميز، الدكتور مانع سعيد العتيبة، ولد في أبو ظبي عام 1946، وهو واحد من أكبر عائلات الإمارات التي تنتمي إلى قبيلة المرر، التي ترتبط بمروان بن الحاكم وتشكل تحالفا مع بني ياس. إنه شخصية فريدة جدا أسهمت بشكل كبير في عالم السياسة في الإمارات. فقد تولى منصب وزير البترول والصناعة في السبعينيات من القرن الماضي، وكان مستشارا خاصا لرئيس الدولة الإماراتية في التسعينيات. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك 33 ديوانا يتناولون مواضيع شعرية شعبية وفصيحة، ومن بينها ديوان المسيرة الذي يشرح معاناة الإمارات قبل ظهور النفط. نود الآن أن نتعرف على أروع ما كتبه هذا الأديب المميز، الدكتور مانع سعيد العتيبة
لأن التسامح هو نقطة ضعفي، فلازلتُ أحتفظ بلطفي وتقديري
ما زلتَ تطعَنُني كل يوم، فليسَ سيفي يتصدَّى لطعنِكَ
أعالج جروحي بصبر جميل، فلا يهدأ القلب ولا يشفى الصبر
أريد أن أعرف سر هذا الثبات، لأنه يجعل جرحي ينزف بشدة
لو كنت لطيفًا ورحيمًا وغفورًا، لما شقيتك بعنفي، يا حسرتي على حالي
لا تتصوّر أنك أقوى مني، رغم أني صبور
أنا هو البائس الذي يقاوم العواصف، فهل تفهم لماذا أحميك من غضبي؟
إذا لم تجد الحنان والعطف، فلا يمكنك الصمود
ما زلتُ أحبكِ رغم الخطايا، وتشهد حرفي بالحب دمعًا
بكيت طويلًا بصمت في انتظاري، لأنك أنت نصري الأخير وموتي
أحبك واليأس لا ينتهي، أمام خطاي ونظرتي الطرفية
أنا أرضي قلبي للغيث الذي يروي ظمأي، وأنت لست إلا سحابة صيف
عادل في العطاء وبخيل في الإفشاء والتدليس على الآخرين
– “يبقى حبيبًا على الرغم من دمائي، تلون كفيك يا جرح كفي
ومهما يكن لن أصيح احتجاجاً=ولا لن أقول لسيفك: يكفي
لأن الوفاء يمتلك عينًا أعمى وأذنًا صماء إذا صح وصفي
إذا أردت قتلي، فاحذر أن تواجهني وجهًا لوجه، واحذر من سيفك الخلفي
عندما أموت، سيتم الكشف عن جميع ما كنت تخفيه وتكتمه
عندما تتحدث قصص دمائي، فكيف يمكنك إنكار صدقي والنفي؟
عشقتك حتى الموت والبعث، فهلا فهمت مالي وحالي وظرفي
هل يمكن أن يكون الحكم إلا بتقديم الأدلة؟ يا إدارات القضاء المستقلة
أي قانون يسمح بالحكم، مثل أي دين أو فريضة
أيها القاضي الكريم، لا يوجد لدي ذنب وأرى أنك أصبحت تحمل كل الذنب
كيف يمكنني الاستماع لمن يكرهني= قبل أن يسجله قلبي
عندما يأتي الذم من شخص ناقص ، فأنا الكامل ولا يؤثر علي
أنت خصمي يا قاضي، لذلك لا يمكنك إصدار حكم متحيز ضدي
اسأل الصحراء عن فارسها: هل سراب الزيف أضله عن الحق؟
أنا أوفى للصحراء من الأوفياء، ولو أن الأوفياء اليوم أصبحوا قلة
أصدر الأحكام فلن تسمعني=أشتكي الظلم وسيفي لن أسله
أنا بريء بالفعل، ولكن كل أملي في النجاة قد تلاشى
يا قاضي الهوى، أنت شمس وما عندي من لظى الشمس مظلة
أسألك الحق، هل يجوز الحكم إلا بالأدلة؟
لأنك يا رب نور حياتي، فلا أفكر فيما سيأتي
من يخشى الحقيقة إلا الطغاة، فالحق دائمًا ينتصر
وما يأتي من الخير هو خير، وما دمت أنت الكريم فما عليك إلا أن تتصرف
وما فاض نبع الجمال بقبح، فرب الجمال عظيم الهبات
أصلي بكل خشوع فتجلو، جميع غيوم الظنون، صلاتي
وأشعر أنك تستمع إليّ وتمنع عني سهام الرماة
وأدرك أنك حامي حروفي من الزيف أو نفاق الرواة
وتعطي كلامي الصريح الجريء=هدير الأعاصير والعاصفات
ورقة الأنسام تمثل جمال الصيف وروح التراب وروح النبات
حروفي زهور بساتين فكري، وفي بحر دنياي طوق نجاتي
وأفكاري تسبح باسمك يا ربي، سواء في اليقظة أو النوم
وعندما يدق قضاؤك بابك، فإن عدلك يتجاوز حكم القضاة
ملأتَ بنورِكَ قلبي وعيني، فلن يتزعزع خوفًا ثباتي
أعطاني الله فحمدته، وأهلني المعالي وفعل الخير
رعيت خطاي على درب الحياة، فلم أضل دربي ولم يضلني الشيطان
الحمد لله رب العالمين، الذي أكرمني وأغناني بالقناعة وجملني
وما طرقتُ بابَ أبٍ على أبوابِ رحمتِه، إلا وأشرعَ لي باباً وأدخَلني
أدعوه في الليل المظلم وأسأله أن يخفف عني الهموم ويوفر لي العون
فتجاوبت الدعوة الحرة مع استجابته، وعلّقتني تاج النصر الذي لا يضاهى سواه
أشكر الله الذي جعل الخير قريبًا مني وأبعد الشر عني عندما يحيط بي
أليه أكلت أمني وهو حافظي، وبالسلام مدى الأيام ظللني
أنام بسلام دون أي خوف، طالما أتذكره في السر والعلن
إذا كان الشرير يتربص بي، فأنقذني وأحمني واحميني
سجلني الله في سجل كرام الناس وهيأني من جوده، الحمد لله
أبعدت عن طبعي وسلوكي البخيل، فلم يبق لي شيء يقيدني
الحمد لله الذي رفعني إلى المرتبة العليا، وفي محفل أهل الفضل خفضني
لماذا أعود إلى حضن أمي؟ إذا فشلت في جهودي وتعبت
تبقى الأم أو الأب ملجأً آخر للطفل حتى لو كبر وأصبح جداً
يا أمي، حنانك معطر بالحب، ومن ناظريك القوى أستمد قوتي
خذني إليك ولا تسألني لماذا؟ لأن السؤال يهد
عندما أحضن رأسي، سأبكي بشدة لأن حزني كبير وصبري أشد
لا تسأليني لماذا، فأسباب همي أنا لا تُعدّ
تعلمت منك قبول القضاء والرضا به، حتى إن جاء بما لا نريد
لقد شحذت سيفي على صخرة الصبر، ولكن سيف القضاء هو الفاصل
أصبت بأكثر من ألف جرح، وكنت على أبواب الضعف لكني بقيت قويًا
ولم أقل آه إلا عندما يحدث جرح، وفي كل يوم يجد جروحًا جديدة
أحيانا أشك وأسأل = هل أنت متميزة أم أنت الأفضل
عرفت مليون فاضلة ولم تكن واحدة منهن كما أتخيل
حتى وإن جئت ولم يعد لتخيلي، فلا يوجد حل، ماذا يجب علي فعله؟
وجهك يعكس الجمال وابتسامتك تقول لي: هل يمكن للعينين أن تنكر أنك الأجمل؟
لم أتمكن من الرد وأحرفي تذوب ويسودني الخجل أمام جمال وجه يذهل
يا أيها العصماء، إنما الحسن يحيي، واليوم أشهد أن حسنك يقتل
يحتوي على الثراء والاتساع والقدرة على جعل الأحزان لا تتسلل
عندما نظرت إليه، أسرني الشوق، لكن حنانك يا حبيبي عجِّل
أنا أسرع نحو صدرك مثل الطفل، وأنا ألقي رأسي على ما يحتويه أو ما يحمله
لا يهمني ما يحدث بعد ذلك، حتى لو كان مثل طوفان نوح وانتهى المستقبل
الموت فيك هو ولادة جديدة، ولي قلب ميت في الهوى يتوسل
لا ترحمني وامنحني فرصة… للموت حتى أعيش، أنا أتوسل
يا أنشودة العمر التي يشدو بها حرفي وخيلي تصهل، عصماء
هذه هي سنابل ثورتي المشتاقة، وتصيح يا عصماء، أين المنجل؟
هيا احصدي الثمار قبل أن يمطر الردى، فالردى كالكأس ولا ينبغي التأخير
فيها تنمو الأفكار وتترسخ الخبرات، وأنا بالرغم من صغر سني أمتلكها
في حصاد ثورتي لا سلم ولا حرب، وما فيها هوى يتبدل
في قلبها الحب والمحبة، وهو معتزل عن ظلم من يحبه وهو الأكثر عدلا
في ثورتي خبز الجياع ولم يجعل من كان في خبز المحبة يأكل
تفضلي يا عصماء إن سنابلي، توجهي إلى منجلك الرحيم وتأملي
هل يجوز الكشف عن السر انتقامًا من حبيب حمى شخصًا آخر؟
لم يعهد الحب أحداً بما حلّ به، ولم يبقَ من النار التي أشعلها سوى الرماد
لا يزال السر مخفيًا، هل يمكنك الكشف عنه؟
البادئ هو الباغي ولكن الرد بالبغي هو حرام
إذا كشف بعض الناس عن أسرارهم، لن يجدوا حتى من أهلهم الاحترام
ومع ذلك، ما زالت جراحي التي تمزقت= تطلب الانتقام وقلبي يرفرف
إذا صمت القلب وهو يتلقى السهام بغدر، فهذا يعني تسلط الألم عليه
يا حبيبي، كيف ضيعت الحب وحمّلتك الاتهام
لماذا باعت ما عشناه واشترت التيه والموت الزؤاما؟
اعطني عمري الذي احترق في قضاياك، سواء كان حلالًا أو حرامًا
أجبني حتى ولو أن قلبي، الذي لم يعد قلبي، لديه وجود
يا للأسف، كم أكرهه وأرغب بأن يكون اليوم خرابًا في قلبي
لم يدفعني إلى الانتقام ولم يُعلَن التوبة أو التخلي عن الانتقام
سؤالي في ضميري صارخ: هل يمكن البوح بالسر انتقامًا؟