أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم
ما المقصود بأصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم
ركز القدماء على تقديم تعريف يشرح معنى اللغة ويبين غرضها. وقد قدموا العديد من التعاريف، ولكن التعريف الذي قدمه ابن جني، المحدث اللغوي العربي، كان الأكثر تقبلا. حيث يصف اللغة بأنها مجموعة من الأصوات التي يستخدمها الناس للتعبير عن أغراضهم. هذا التعريف دقيق في جوهره بالإضافة إلى العناصر الأخرى التي تحدد اللغة بحسب الباحثين المعاصرين. فهو يؤكد على الجانب الصوتي للرموز اللغوية ويبين أن الغرض الاجتماعي للغة هو التعبير ونقل الأفكار ضمن البيئة اللغوية.
تعددت تعريفات اللغة وذلك بسبب تعدد وجهات النظر والمذاهب والأفكار الفلسفية والعلمية، فبعضهم يعتبر اللغة وسيلة للتواصل، والبعض يعتبرها أداة لتبادل الأفكار والمعارف بين أفراد المجتمع الواحد.
تعرف الحضارة الأمريكية اللغة بأنها نظام من العلامات الصوتية الاصطلاحية، وهي وسيلة للتواصل وتبادل الأفكار والمشاعر والرغبات باستخدام رموز صوتية اصطلاحية تصدرها الناطقين بصورة إرادية، وفقًا لتعريف سابير.
اهمية اللغة ووظائفها
تحتوي اللغة على عدة وظائف هامة، وقد رصد هذه الوظائف العلماء واللغويون والباحثون، دون الفرق بين نوع اللغة المنطوقة أو المكتوبة أو المسموعة، وتؤدي هذه الاعتبارات الثلاث إلى وظيفة واحدة وهي التفاهم بين أفراد المجتمع الواحد.
لا شك لدينا أن اللغة العربية متفوقة على جميع اللغات، كما قال تعالى: إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. تناولت الكتب بالتفصيل دور واستخدامات اللغة كوسيلة للتواصل ونقل المعرفة والتعبير عن مشاعر الإنسان وثقافة الأمة وما إلى ذلك. ومع ذلك، سنحدد أهمية ووظائف اللغة على مستويين، المستوى الفردي والاجتماعي.
على المستوى الفردي، تساهم اللغة في إخراج الفكرة من رأس صاحبها إلى العالم الخارجي، أي يستطيع من خلال الفكرة التعبر التعبير عما يدور برأسه، ويترجم أفكاره إلى صورة بارزة لها كيان ومعالم، فالإنسان الذي تجول برأسه أفكارا عديدة تبقى كامنة إلى أن يقوم بترجمتها وتقديمها في صورة مكتوبة، أو منطوقة، ويستطيع أيضا من خلال اللغة أن يجسد مشاعره التي بداخله ويصور الكوامن بداخله، واللغة تعد وسيلة التعبير الأساسية عما يدور بخاطر الإنسان ووجدانه من مشاعر وأحاسيس وأفكار، وهي الوسيلة التي يستخدمها القوم للتعبير عن أغراضهم.
علاقة اللغة بالتفكير والتعبير
تُعَدُّ اللغة، وفقًا للعلماء، نظامًا لاكتساب العادات، حيث يكتسب الفرد الخبرة من خلال اللغة عن طريق التجربة، وتعتبر آليات الذهن اللغوية بمثابة مدخل لفهم طبيعة عمل آليات أخرى مثل الإدراك البصري والحدث.
تستطيع اللغة في بعض الأحيان تعديل العقلية وتنظيمها، وأكد علماء اللغة على أن اللغة إذا كانت واضحة تساعد في توصيل الفكرة بشكل واضح وحرية التعبير.
يظهر أهمية اللغة من خلال علاقتها بالفكر والتفكير، وهناك ارتباط وثيق بين اللغة والفكر يتضح لنا إذا ربطنا تجريد الفكر وحقيقة أن اللغة تعمل على مستوى المفاهيم والأفكار المجردة من الأقوال والعلاقات، وتعتبر اللغة وسيلة أيضا لفهم الظواهر الثنائية مثل الزمان والمكان، وتعد وسيلة هامة جدا للتعبير عن الحاضر والمستقبل، والتوقف والاستئناف والاستمرار.
العلاقة التبادلية بين اللغة والفكر هي أن الفكر كما يتجلّى في اللغة، فاللغة بدورها يمكن أن تعكس فكر صاحبها، ويشهد تاريخ الفكر الإنساني أن اللغة هي وسيلة قوية وأداة في السيطرة على الفكر.
وعن طريق اللغة يمكن ان يقوم الشخص بالعمليات الفكرية المختلفة مثل التفسير والتحليل والموازنة واستخراج النتائج والتجريد والتعميم، وبعض علماء اللغة يجدون ان اللغة هي العضو الاساسي للفكر، فالفكر واللغة هما امرين لا يمكنهما الانفصال عن بعضها البعض، ولا يمكن ان يتم تشكيل الفكر من دون وجود اللغة.
يعد النظام اللغوي وفقًا للعالم وورف ليس مجرد أداة للتعبير عن الأفكار، بل إنه المرشد الأساسي للنشاط العقلي والذهني للفرد، ويساعد في تحليل الانطباعات وتشكيل الأفكار وتجميع المخزون الذهني.
اهمية المحادثة في التعبير
المحادثة هي مهارة إنتاجية يتم تنميتها في اللغة بعد الاستماع، وهي الوسيلة اللغوية التي يستخدمها الإنسان لنقل أفكاره ومشاعره إلى الآخرين، وتعد المحادثة النقيض الطبيعي للإستماع. عادة ما تترافق الاثنتين في السياق اللغوي، وتعد المحادثة أساسية لاستمرار حياتنا الاجتماعية. وعلى الرغم من أهميتها البالغة، فإننا لا نعطيها الاهتمام الكافي، ونغفل عنها في بعض الأحيان، رغم أننا نعتقد أنها مهارة طبيعية ولا تحتاج إلى تدريب. ومع ذلك، يمكن للكثير من الأشخاص أن يواجهوا مشكلة بسبب عدم قدرتهم على اختيار الكلمة المناسبة، أو عدم تناغم صوتهم مع المعنى المقصود. وكثيرا ما يعود سوء الفهم والمشاكل بين الأشخاص إلى أخطاء في المحادثة، حيث لم يختاروا العبارات المناسبة للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم الداخلية. المحادثة هي القدرة على التعبير بالكلام، والتعبير عن الأفكار والهواجس والمشاعر والأفكار التي تراود الشخص في عقله.
العلاقة بين مهارات الاتصال اللغوية في التعبير
- العلاقة بين الاستماع والمحادثة
يبدأ الإنسان العاقل بالاستماع للغة ثم يقلدها بالنطق، ويجب عليه أن يسمع جيدا ليتحدث جيدا، وإذا طلب منه شيء، يجب عليه أن يفهم الهدف وينفذ الأمر المطلوب، والفهم مهم للتحدث والاستماع، فالاستماع بدون تركيز وفهم لا ينفع.
- العلاقة بين المحادثة والقراءة
عندما يتحدث المتعلم ويقرأ، يستخدم اللغة ليسمع الآخرين. وعندما يتدرب المتعلم على استخدام أساليب جيدة في الكلام، يساعد ذلك على استخدام نفس الأسلوب أثناء القراءة. وبالتالي، تظهر في قراءته تلك التعبيرات، وتنغمس فيها نبرات الصوت والتعابير الوجهية التي تظهر أثناء الكلام. ولذلك، نجد أنفسنا نتعجب ونضع علامات استفهام ونتوقف ونستمع ونركز على جمل معينة، وكأن هذا الشخص أمامنا ويتحدث بلسان مفهوم ويفهم تماما النص الذي يقرأه. ومن يتقن فن الحديث المسموع يتمكن أيضا من صياغة النصوص المكتوبة بشكل جيد ويصبح قارئا جيدا وناقدا في الوقت نفسه. وهذه النقطة تشير إلى الارتباط الوثيق بين القراءة الجيدة والكتابة الجيدة وفن الحديث الذي يعود أصله للتحدث الجيد.
إذا حدث خطأ في الاستماع، فسوف يؤدي ذلك إلى خطأ في باقي المهارات اللغوية. إذا لم يول المتعلم اهتماما للفرق بين الذال والزاي، على سبيل المثال، أو بين السين والصاد، أو بين التاء والثاء، فإن القراءة لديه ستفتقر إلى الدقة والجودة، وسينتقل هذا التأثير في النهاية إلى الكتابة. وهذا يؤكد أن المستمع الجيد هو متحدث جيد وكاتب جيد، والقارئ الجيد هو أيضا متحدث جيد وكاتب جيد. وجميع هذه الأمور مترابطة بعضها ببعض.