أسرار لا تعرفها عن أعمدة الرجاجيل
تحوي صحراء المملكة العربية السعودية العديد من الأسرار التاريخية للمواقع والآثار التي تركتها الحضارات القديمة. تعتبر المملكة محطة هامة في تاريخ الحضارات القديمة، حيث توجد آثار كثيرة مثل القصور والمقابر والمعابد والأضرحة. تشهد كل هذه الآثار على وجود حضارة قديمة وتحمل معلومات هامة وغرائب تثير دهشتنا. عندما نغوص في صحراء المملكة، وبالتحديد في شمال شرق المملكة، نختار منطقة الجوف، وهي منطقة صحراوية مشهورة تستقطب العديد من الزوار من الداخل والخارج لاستكشاف آثارها الجميلة والغريبة. ومن بين هذه الآثار، تأتي أعمدة الرجاجيل، وهي آثار تعود لآلاف السنين وتدهش كل من يراها. فما هي أسرار آثار الرجاجيل؟ سنجيب عن هذا في هذا المقال
أعمدة الرجاجيل
أعمدة الرجاجيل هي موقع أثري في منطقة الجوف، وهي أقدم المواقع الأثرية في المنطقة، تحديدا في ضاحية قارة جنوب سكاكا. وتمت تسميتها بالرجاجيل نظير تشابهها بشكل الرجل في وقفته. والرجاجيل هو اسم مستخدم في اللهجة المحلية لوصف مجموعة الرجال، نظرا لخلط الناس في الماضي بين هذه الأعمدة ومجموعة من الرجال، على الرغم من أنها في الواقع أعمدة حجرية ورملية فقط. تتألف هذه الأعمدة من خمسين مجموعة من الأعمدة الحجرية المنتصبة والمعروفة باسم الرجاجيل. وتتضمن بعضها أعمدة حجرية منحوتة من الحجر الرملي، حيث يتراوح عددها بين ثلاثة وسبعة أعمدة. ويصل ارتفاع بعضها إلى أكثر من ثلاثة أمتار، وتبلغ سماكتها حوالي ستين سنتيمترا.
سر أعمدة الرجاجيل
وتتكون هذه الآثار من خمسين مجموعة من الأعمدة الحجرية في دائرة غير منتظمة يبلغ قطرها ثمانمائة مترا تقريبا، ومنها المنتصب فوق الأرض ومنها المحطم والملقى على التراب، حيث يعتبر هذا الموقع سرا من ضمن الأسرار التي لا تعرف بشكل كامل إلى الآن، ولكن هناك من العلماء من يقولون بأن الرجاجيل هي شواهد لقبور أحد الأقوام القديمة، وهناك من يرى أنه عبارة عن مكان مخصص لتقديم القرابين للآلهة وهو الطقس العقائدي السائد في الحضارات القديمة، وهناك من يرى أن الغرض من إنشاء هذه الأعمدة هو للرصد الفلكي واكتشاف مواقع النجوم لأنه لا يوجد أي بقايا للبشر أو التحف الدينية أو القرابين، ومنهم من يرى أن المكان هو عبارة عن مجمع أو مركز ديني يجتمع فيه قبيلة أو شعب في كل مجموعة من هذه الأعمدة الحجرية لممارسة الطقوس الدينية، ولكن في الأغلب فإنها معلما لطريق تجاري حيث تعتبر منطقة الجوف وهي من المناطق الهامة لطريق التجارة القديمة والتي ربطت شبه الجزيرة العربية ومصر والعراق وسوريا.
ليبقى الغرض من إنشائها سرا مبهما يستدعي المزيد من البحث حول هذه الآثار القديمة، وطالما أن أعمدة الرجاجيل من الآثار المهمة في شمال المملكة يتطلب من العلماء والباحثين فك رموز الغموض المثار حول أعمدة الرجاجيل خاصة الرسومات المتعددة على بعض منها والتي لم يفهم منها أي معاني إلى الآن.
تاريخ أعمدة الرجاجيل
وقد وجدت وثيقة بمتحف دومة الجندل تشير إلى أن الشكل الحجري لأعمدة الرجاجيل قد يكون مرتبطا بطقوس عقائدية في أغلب الظن، أو مستخدم في علم الفلك، أو أهمية الوضع الاقتصادي للمنطقة في ذلك الوقت، وهو ما ذكرناه من قبل، حيث تشير هذه الوثيقة إلى أنه في عام 4000 قبل الميلاد دخل شمال الجزيرة العربية نفوذ حضارة العصر الحجري الحديث والسائد فيه استخدام الفخار وممارسة الزراعة البسيطة والصيد والري، وقد امتدت هذه الحضارة خلال الألف الرابع قبل الميلاد إلى سيناء وشرق الأردن وجنوب سوريا وغرب العراق والذي أطلق عليها حضارة العصر الحجر المعدني لاكتشاف أسلوب صهر النحاس.
تشير الحفريات التي تم اكتشافها في موقع الرجاجيل إلى أن تاريخها يعود إلى عهد الحضارة التشالكوليثية، التي نشأت قبل أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، وتعتبر هذه الحضارة من العصور الحجرية المعدنية. وما زالت هناك أعمدة حجرية منحوتة من الصخر الرملي في هذا الموقع، تحمل نقوشا تعود إلى الكتابة الثمودية، وبعض هذه النقوش غامضة المعنى ولا يمكن ترجمتها. يمكن مقارنة أعمدة الرجاجيل بآثار ستون هينج التي توجد في قرية أفيبري جنوب بريطانيا.