التاريخزد معلوماتك

أسباب نشأة المذاهب الفكرية المعاصرة في أوروبا

نشأة المذاهب الفكرية في أوروبا

قبل أن نتحدث عن أسباب نشأة المذاهب الفكرية، يجب أن نلاحظ أنها نشأت في أوروبا، حيث كانت هناك الظروف المناسبة لإنشائها، وهذا لم يحدث في دول أخرى. وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ظهور المذاهب الفكرية المتعددة، ومن أهم هذه الأسباب هو عصر سلطة الكنائس الذي أدى إلى الثوراتالتي أفسحت المجال لنشوء تلك المذاهب.

أهم أسباب نشأة المذاهب الفكرية المعاصرة في أوروبا

  • تعود أصول نشأة تلك المذاهب إلى أسباب سياسية، حيث يسعى أصحابها للسيطرة والنفوذ والتخلص من القيود التي فرضتها حكومات الدين، وملء الفراغ الكبير بإشغال الناس بأي شيء جديد، حتى لو كان ذلك يشمل معتقداتهم ويخلط في أمور دينهم .
  • تمثل كل هذه الأحوال الاجتماعية والثقافية والدينية السيئة سببا لما حدث، إلى جانب انتشار الجهل والخرافات والابتعاد عن الدين الصحيح. تمزج الأفكار الدينية، مما يؤدي إلى ابتكار آراء ضالة متعارضة مع تلك الآراء المشتركة وربطها بالدين. ثم تظهر في أشكال ومذاهب متنوعة، وتحرف الديانة المسيحية على يد بولس، اليهودي الوثني، الذي أسس النصرانية على أسس ومفاهيم بشرية وقوانين مليئة بالتناقضات والخرافات. وهذا يؤدي إلى استهانة أصحاب الفكر المنحرف في الشرق والغرب بعدما فقدوا إنجيل عيسى عليه السلام بعد رفعه.
  • لم يسبب الازعاج للأوروبيين فقط الخرافات والأفكار المتناقضة، بل كان إقصاء رجال الكنيسة سببًا قويًا لظهور مذاهب وأفكار مختلفة، حيث بعد أن انفلت الناس من قبضة رجال الكنيسة، كان أي رأي يقال من أي شخص يجد له مستمعون.
  • الدور الذي لعبه رجال الدين قبل إقصائهم كان مهما جدا في تعدد المذاهب والأفكار المتناقضة، إذ تعاملوا بحزم وشدة مع جميع المفكرين من علماء الغرب، وأدينوهم بالهرطقة وأمروا بقتلهم واعتبروهم مرتدين. بالتالي، أي عالم يطرح رأيا جديدا يتعارض مع فكرهم يصبح مرتدا ويجب قتله، وبسبب ذلك حدثت مذابح وقتل الآلاف من المفكرين والأحرار حتى تمكن المتمردين من الانتصار على رجال الكنيسة، وبعدها ظهرت أفكار ومذاهب متنوعة.
  • شعر الأوروبيون بالتخلف الذي كانوا يعيشون فيه وبطريقة المعاملة الفاحشة التي كانوا يتعاملون بها.
  • كانت من بين الأسباب التي حفزت إيقاظهم لهذا الواقع هو اتصالهم بالدول الإسلامية عن طريق طلب العلم، واحتكاكهم بالمسلمين عن طريق التجارة وغيرها، حيث قارنوا بين أوضاعهم التي كانوا يعيشون فيها تحت رجال دينهم، وبين الأوضاع التي يعيشونها المسلمون تحت ظل الإسلام.
  • قام المفكرون الغربيون بنبش الحضارات القديمة وإحياء الفلسفة اليونانية والاستفادة منها، وذلك لإيجاد نظريات ومفاهيم جديدة لإغراء الناس، مثل الديمقراطية والعلمانية الرأسماليةوغيرها من الأفكار، بهدف سد فراغ الناس بعد ابتعادهم عن الكنيسة.
  • تستخدم المكائد والمؤامرات اليهودية لإثارة الفتن وتغيير المفاهيم السائدة وتحطيم كل شيء مخالف لأهدافهم. يفعلون ذلك من خلال تسببهم في الثورات التي تؤدي إلى سفك الدماء وهدم الدين والأخلاق وجميع الأنظمة المعارضة لهم

السبب الرئيس في نشأة المذاهب الفكرية المعاصرة في أوروبا

كان عصر سلطة الكنيسة هو السبب الرئيسي في نشأة  المذاهب الفكرية المعاصرة وهذه السلطة كانت في القرون الوسطى حيث كانت أوروبا تعاني من الجهل الشديد وسيطرة الخرافات، و إذا أردنا التحدث عن عصر سلطة الكنيسة لابد اولا من معرفة مفهوم الهرطقة الذي تسبب في إقصائهم وإثارة الناس عليهم.

يعني الهرطقة لفظ يُطلق على كل من يخالف الكنيسة في الرأي، ويستخدمونه للإيحاء بالكذب والفساد والخروج عن الدين. والهدف من استخدام هذا المصطلح هو القضاء على أي شخص يتبنى هذا الرأي وإراقة دمه، لذا فإذا رأى أي شخص عالمًا يتبنى رأيًا جديدًا في العالم، فإن الكنيسة يمكن أن تطلق عليه هذا المصطلح.

محاولة فهم الكتاب المقدس لغير رجال الكنيسة هرطقة، إنتقاد أي شئ يخص رجال الكنيسة والكنيسة هرطقة، ومحاولة المساعدة لأي شخص من هؤلاء أو الموافقة على ما يقول هرطقة، فكان من ضحايا هذا اللفظ الكثير من المفكرين الذين منهم من حقه حياً ومنهم من أكتفوا بحرق كتبه ومنهم من تعرض للسجن أو العذاب الشديد حتى تمكنوا من انتزاع سلطة الكنيسة، ومن أمثلة مظاهر طغيان ومدي صلاحيات رجال الدين في تلك الحقبة التاريخية ما يلي:

  • يستخدم المخترعون مسميات مثل مفهوم الهرطقة لتبرير استحلال دماء خصومهم
  • يربطون كل شيء بأيديهم سواء كان دنيويا أم دينيا.
  • فرضوا على الناس طاعة عمياء، يقومون فيها على الذل والخضوع من خلال الاستسلام التام لهم.
  • يؤمنون بمفهوم أن الإنسان لا يستطيع الوصول إلى ملكوت الله إلا عن طريق الواسطة، وهؤلاء الواسطة هم رجال الدين.
  • لا يحق لأي شخص، مهما كان علمه، تفسير الكتاب المقدس.
  • اعتمدوا في مراسم تقبل التوبة عند الله على الاعتراف بالذنب أمام الكاهن، الذي يحمل سلطة محو الذنب بعد سرد المخطئ لذلك.
  • تم إنشاء فكرة صكوك الغفران لسرقة أموال الناس بالباطل، وكان ذلك سهلاً لأنهم سلبوا الناس حتى مجرد التفكير، وإذا كان الشخص يعتقد بوجود ثلاثة آلهة،فمن السهل عليه أن يصدق أي شيء مستحيل، ولكي ينالوا الفوز في الدنيا والآخرة، كان عليهم شراء رضا رجال الكنيسة بالهدايا النقدية والمادية.
  • فرضوا نظام السخرية على الناس، فجعلوهم يعملون في الأرض التي تمتلكها الكنيسة يومًا كل أسبوع بدون أجر، ويتعين عليهم دفع عشرة أموالهم لرجال الكنيسة.
  • كانوا يعارضون العلم والعلماء ويعتبرون أي شيء خارج الكتاب المقدس كذبًا وهراءً، وبالتالي لم يعترفوا بالاختراعات حتى لو نجحت في الوصول إلى النور في ظلام الجهل.
  • وضعت الكنيسة أفكارًا ونظريات في مختلف العلوم وقدسوها، ولم تسمح لأي شخص بمخالفتها، وحكمت بالكفر والإلحاد على من يخالفهم، وأباحت دمه.
  • أنشئوا محاكم التفتيش التي كانت أسوأ وصمة عار يرتكبها رجال الدين في حق العلم والفكر والناس، وأنشأوا تلك المحاكم لمقاومة العلم والفكر والنظريات العلمية، وكل من يخالفهم، مما جعل رجال العلم يعيشون في تخوف ولم يجرؤوا على إعلان نظرياتهم واكتشافاتهم.

العلماء الذين كانوا سبب في نشأة المذاهب الفكرية

  • جاليليو أدلى بشهادته أمام البابا أريان الثامن عندما بلغ سن السبعين، والذي ادعى أن الأرض تدور حول الشمس وأن هناك أكثر من سبعة كواكب في السماء، وهذا يتعارض مع رؤية يوحنا في سفر الرؤيا، ولم يبق للبابا الآخر سوى إجبار جاليليو على الركوع والتراجع عن آرائه واعتبارها هرطقة، وفي اعترافه قال: “أنا جاليليو الذي يبلغ من العمر سبعين عاما، وأعترف بالخطأ الذي ارتكبته وألعن وأحتقر كلاما خاطئا وهرطقة الاعتقاد بأن الأرض تدور.
  • أعلن بافون استدراجه عن رأيه في تكوين الأرض وأعترف بالتراجع، قائلا: `أنا أعلن رسميا تخليي عن كل ما تضمنه كتابي الخاص بتكوين الأرض`.
  • أحرقته الكنيسة حيا وذرته في الرياح: جيورد أنو برونو.
  • تمتلك شيكو داسكولي شهرة في علم الفلك، وحرقته الكنيسة حيا في فلورنسا.
  • دي رومينس هو الذي قال إن قوس المطر ليس عهدا بين الله والخلق، ولا هو قوس حربي يستخدمه الله لينتقم من الخطيئة كما ذكر في الكتاب المقدس، بل هو انعكاس لضوء الشمس على الماء. وقد تم حبسه في روما حتى مات، ثم حكموا على جثته بإلقائها في النار.
  • نجح لينيوس في تحليل الماء وتحديد سبب احمراره، ويرجع ذلك إلى تكاثر نوع من الجينات فيه. وعندما علم رجال الكنيسة بذلك، تمردوا عليه واضطر للتراجع خوفا منهم.
  • كان كوبرنيوكس يحمل آراء فكرية متعارضة مع تلك التي يتبعها رجال الكنيسة، ولكنه توفي وهربت أفكاره من قبضتهم، فلعنوهم وهو الآن ميت في قبره، واستولوا على كتبه وأحرقوها.
  • عوقب نيوتن، صاحب قانون الجاذبية، من قبل رجال الكنيسة لأنهم اعتبروا أن ذلك القول ينتزع قوة التأثير من الله عز وجل.

وغيرهم الكثير من الذين قتلوا وحرقوا وشنقوا، وسجنوا مدى حياتهم حتى الموت، كل هذا بسبب إعلانهم لاكتشافاتهم وآرائهم العلمية القابلة للتجربة، والبحث، فيستحق الشخص الذي يمتلك هذه الاكتشافات المكافأة إذا كانت صحيحة، أو يتم تجاهلها إذا كانت غير صحيحة.

ولهذه الأسباب توقفت الحركة الفكرية في أوروبا منذ زمن طويل، حتى جاء القرن الخامس عشر، فبدأ المفكرون بنفض غبار الجهل عن الناس فقام مارتن لوثر بحركة لإصلاح الكنيسة واعتبر صكوك الغفران من وسائل الذل والعبودية التي يجب أن تنتهي، وجاء بعده كالفن على نفس اتجاهه وغيرت حركة لوثر ومن سار خلفها الكثير من المفاهيم الخاطئة، واعتبروا العقل مصدر من مصادر الفهم ولاحظ أن تلك الحركات لم تتحرر من تعاليم الكتاب المقدس بل بالعكس جعلته مصدر الحقيقة، وله الكلمة الأخيرة.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى