اسلاميات

أسباب نشأة المذاهب الفقهية

تعريف الفقه

الفِقْهُ في اللغةِ هُوَ الفَهْمُ، ويأتي في هذا المعنى قول مثل أُوتِي عمر فِقْها فِي الدين، أَي أوتي في الدين فهم ومن ذلك  دعاء النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن عباس:   (اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) رواه البخاري، ومسلم.

يُعرَّف الفقه في المصطلح الشرعي بأنه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية العملية، المستمدة من الأدلة التفصيلية.

تعريف المذاهب الفقهية

المَذْهَبُ في اللغة تعني الطريقة، و المَذْهَبُ المعتقد الذي يُذْهبُ إليه ،يقال: ذهب مذهبًا حسنًا، ويقال: ما يُدْرَى له مَذْهَبٌ: أصل ،و المَذْهَبُ (عند العلماء) : مجموعة من الآراء والنظريات العلمية ، والفلسفية ارتبط بعضها ببعض ارتباطًا يجعلها وحدة منسقة ، والجمع : مَذَاهِبُ.

يشير المذهب في الاصطلاح إلى مجموعة الأحكام والمسائل الفقهية التي يصدرها فقيه أو مجتهد، بما في ذلك المسائل التي يتوصل إليها تلاميذه وفقهاؤه عن طريق الرجوع إلى قواعد الفقه والأصول التي وضعها.

أهم أسباب نشأة المذاهب الفقهية

وفقاً للتعريفات السابقة، فإن المذاهب الفقهية في الإسلام تعني فهم المجتهد أو العالم للمسائل الشرعية وتقديم الأحكام والقواعد. وكانت من الأسباب التي أدت إلى نشأة المذاهب في الإسلام الأسباب التالية:

  • (ظنية الدلالة لبعض النصوص) يمكن أن نجد في النصوص الشرعية نصوصا تكون دلالتها واضحة وقاطعة، ونصوصا تكون دلالتها ظنية. والنصوص ذات الدلالة الظنية هي النصوص الشرعية التي يمكن أن تحمل أكثر من معنى أو تفسير، مثل قول الله تعالى: `والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء` [البقرة: 228]، فالقروء في اللغة يشير إلى الطهارة وقد يشير أيضا إلى الحيض. وقوله: `فتيمموا صعيدا طيبا` [النساء: 43]، فالصعيد الطيب يشير إلى الطهارة وقد يشير أيضا إلى المنبت، وهناك أيضا آيات أخرى تحمل معان متعددة، وهناك العديد من الأمثلة الأخرى. لذا، النصوص ذات الدلالة الظنية هي التي تحمل أكثر من معنى، وهذا هو سبب اختلاف الفقهاء وتشكل المذاهب، حيث يعتمد كل مذهب رأيا يتفق أو يختلف مع غيره.
  • وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وانقطاع الوحي من السماء، أحد أسباب ظهور المذاهب في الإسلام، حيث احتاج المسلمون إلى مرجع يعودون إليه، فيما يجدون من مسائل وما يلتبس عليهم وما يختلفون فيه، في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يعودون إليه، أما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، بدأ الصحابة رضي الله عنهم، ينقلون علمهم للناس وكل منهم ينقله بالأدلة التي علمها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وظهرت المدارس المختلفة في المدينة والعراق، واختلفوا بينهم بين مدارس الرأي والآثار، وبعدهم التابعين وتابعي التابعين، وتعتبر مدرسة الإمام أبو حنيفة التي خلفت التابعين، ويقال أنها تواكب زمانهم، بداية تشكيل واضحة للمذاهب، وعلى الرغم من وجود مذاهب كثيرة ومتعددة، إلا أنها لم تحظ بالتدوين والاهتمام الذي حظيت به المذاهب الفقهية الأربع.
  • اختلاف اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم ، كان الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، يختلفون في اجتهادهم ويعرضون على النبي صلى الله عليه وسلم، المسائل التي تقابلهم فيوافق هذا ويرفض ذلك ، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم، أصبح كل منهم يأخذ بالدليل الذي عرفه عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعمل به وكانت اختلافات اجتهاداتهم هي بداية نواة المذاهب.
  • انتقال الصحابة رضي الله عنهم والتابعين بين الأمصار، كان لانتقال الصحابة والتابعين بين الأمصار، يعلمون الناس ويجاهدون ويفتحون بلاد بعيدة، و يولون حكم أو يقيمون بها سبب في نقل ما عندهم من علم لأهل تلك البلاد فاتخذت كل بلد من أراء، واجتهادات الصحابة الذين أقاموا بها مدرسة يتخذها أهل البلد.
  • كلما بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم عن الأزمنة التالية، زادت حاجة الناس إلى من يرشدهم ويوضح لهم مسائل وأحكام الفقه ويهديهم، وذلك لأن الانحراف عن زمن الرسالة يزيد صعوبة فهم الأمور وتفسيرها.
  • مع كثرة المسائل الحديثة والجديدة التي تواجه الناس، واختلاف الوقت واستحداث مسائل وأمور جديدة، فقد وجدت حاجة لعلماء وفقهاء قادرين على الرد على أسئلة الناس وإصدار الفتاوى، طالما بقيت مصادر التشريع الإسلامي ثابتة، على الرغم من تغير الأحداث وتطبيق الأحكام عليها.
  • اختلاف ترتيب ما يعتمد عليه في مصادر الشريعة، مصادر الشريعة هي الكتاب وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم و الاستنباط والإجماع والقياس،  والعرف وغيرها من المصادر ، التي يعتمد عليها الفقهاء وقد يرى البعض أن مصدر يسبق مصدر وهو أقوى منه في الاستدلال، على خلاف عالم آخر من هنا كانت طريقة المذاهب وأسباب نشأتها.

نشأة المدارس الفقهية

السنة النبوية

كما سبق الذكر، الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية، وهدفه العمل بها. تم العثور على تلك الأحكام في كتاب الله الذي نزل على نبيه صلى الله عليه وسلم لتوجيه الأمة وتوضيحها، وليكون لها موافقة من الصحابة في قول أو فعل يتوافق مع تلك الأحكام. وتعرف هذه الأحكام بالسنة النبوية، ونظرا لأن مصدر تلك الأحكام هو الوحي، سواء باللفظ المنزل في القرآن الكريم أو في المعنى وهي السنة النبوية.

الفقه في عصر الصحابة

 كان الصحابة رضي الله عنهم، يعودون للنبي في القضايا والنزاعات، وبعد وفاة النبي عمل الصحابة، رضي الله عنهم على تبليغ ما عندهم من علم إلى الدنيا ، وقاموا بالحكم والقضاء، وكل ما يتعلق بحياة المسلمين، واجتهدوا معتمدين على الأحكام الشرعية، وكان الصحابي منهم يرجع للقرآن الكريم فإذا وجد ما يعينه فيه أكتفى به وإن غاب عنه الوصول للحكم توجه للسنة ، وإلا بذلوا جهدهم في استخدام كل وسائل الاجتهاد من قياس، و مقاصد الشريعة واستنباط وقواعد كلية، ولو استقرت جماعة الصحابة رضي الله عنهم على رأي اتخذوه، وإن اختلفوا كل يجتهد بما تقدم.

الفقه في عصر التابعين

بعد عصر الصحابة جاء عصر التابعين، وهم الذين تلقوا المعرفة والعلم مباشرة من الصحابة. كانوا يتعاملون مع الأحكام الشرعية بنفس الأسلوب الذي كان يتعامل به أسلافهم من الكتاب والسنة. إذا لم يجدوا حكما بما يبحثون عنه، كانوا يلجأون إلى فتاوى الصحابة وأحكامهم. كانوا يجتهدون أيضا ويعتمدون على المبادئ التي تبعها الصحابة. ظهرت في هذا الوقت مدرستان، وهما مدرسة الحديث ومدرسة الرأي. تعلم في هاتين المدرستين علماء الفقه، وكان لديهم طريقة لاستخراج الأحكام وتلاميذ يسلكون منهجهم. ومع ذلك، اندثرت جميع المدارس باستثناء أربعة مذاهب الفقه.

المذاهب الأربعة

لم يتبقى من المذاهب والمدارس الاسلامية، إلى يومنا هذا سوى المذاهب الأربعة، والتي كان الخلاف بينها في الأحكام الشرعية مبني على عدة أسباب، وإن كانت كلها اختلافات علمية في طريقة استنباط الحكم فقط وهي:

  • عدم بلوغ المجتهد للحديث، وبلوغه للآخر.
  • بلوغ الحديث للجميع، مع اختلاف وجهات النظر حول صحته.
  • ينبغي التوافق على صحة الحديث بين الجميع، ويمكن أن يختلف الناس في أمور الاجتهاد، سواء في فهم الحديث، أو تحديده، أو في تعميمه أو تخصيصه، وغير ذلك من الأمور.

تعتبر المذاهب الأربعة مرجعًا بعد القرآن وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي مرجع للمسلمين وطلاب العلم والمجتهدين الذين يأتون بعدهم. وتشمل هذه المذاهب:

  1. المذهب الحنفي هو مذهب الإمام أبي حنيفة
  2. المذهب المالكي وهو مذهب الإمام مالك.
  3. المذهب الشافعي وهو مذهب الإمام الشافعي.
  4. المذهب الحنبلي هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى