أسباب كلام الطفل مع نفسه .. ومتى تدل على مرضاً او خطورة
الطفل الذي يتحدث مع نفسه كثيرا
تتحدث هذه الجملة عن ظاهرة حديث الطفل لنفسه التي تسبب القلق لدى الآباء وتجعلهم يشعرون بالحيرة، حيث يتساءلون إذا كان طفلهم يعاني من أمراض معينة، ويتساءلون عن سبب هذا السلوك دون أن يفعلوا أخوته الآخرين.
مثلما يتسارع العديد من الآباء في إجراء فحوصات لأطفالهم لدى الأخصائيين والخبراء للكشف عن مشاكلهم، التي قد لا تكون مشاكل أساسية أو ضارة على الإطلاق، فقد يكون الأمر أن الطفل الذي يتحدث لنفسه يمتلك مهارات مختلفة عن أقرانه، لذا يجب أن لا نقلق وأن نراقب الوضع جيدا للتأكد من أن ما يعانيه الطفل هو أمر طبيعي أو ناتج عن مشكلة معينة يواجهها، لأن الأهم حقا هو معرفة السبب وراء هذا الحالة، حتى لا يكون الطفل يعاني من أي مشاكل مزعجة.
أسباب كلام الطفل مع نفسه
تشير العديد من النظريات والإحصائيات إلى أن الحديث الذي يتم بواسطة الأطفال لأنفسهم أو بصوت منخفض أو عالي لا يدل على وجود أي اضطراب أو خطورة، وبالعكس فإن الأطفال الذين يتحدثون لأنفسهم عادة ما يكونون أذكياء ولديهم مهارات خاصة وضوابط نفسية. ولكن هذا لا يعني أن الأطفال الذين لا يتحدثون لأنفسهم ليس لديهم هذه الصفات، لأنه يتحدث كل شخص لنفسه ولكن بطريقة صامتة وغير ملفتة للنظر، كما يحدث في حالات الحديث الداخلي.
بسبب اختلاف تكوين شخصية الأطفال، فإن حديثهم لأنفسهم يختلف، فبعض الأطفال يتحدثون لأنفسهم أثناء اللعب مثل الرسم والتلوين، ويعتبر هذا وسيلة ترفيهية وتطويرية لمهاراتهم وتوسيع مداركهم، كما يساعد هذا الأمر الطفل على تنمية خياله الإبداعي ومهارات الإدارة، لذلك ينصح المعلمون الذين يدرسون للأطفال بعدم فرض الهدوء والصمت عليهم دائما، إذا كان ذلك يزيد من مهاراتهم ويساعد على إنجاز مهامهم.
يتفق المتخصصون على أن كلام الطفل مع نفسه يمكن أن يكون لعدة أسباب رئيسية، وتنحصر هذه الأسباب في:
- تعلم اللغة
في الفترة الأولى من عمر الطفل، قد يتعلم الكلام ويبدأ بتكراره بمفرده كنوع من التمرين على النطق والتحدث مع نفسه. يعتبر ذلك تمرينا جديدا يتعلمه، تشبه بقية المهارات الجديدة التي يكتسبها الطفل. في البداية، يتعلم الطفل الحبو والمشي ويمارسهما بشكل بسيط، ومع التكرار يصبح ماهرا في تلك المهارات. نفس الأمر ينطبق على اللغة، إذ يعتبر حديث الطفل مع نفسه تمرينا على النطق وحفظ المصطلحات المتكررة أمامه.
- التخيل سبب حديث الطفل مع نفسه
غالبا ما يختلق الأطفال عوالم افتراضية لأنفسهم، ويبدأون في تصور شخصيات ربما لا توجد في الواقع إلا في خيالهم الواسع، وقد تكون هذه الشخصيات كرتونية أو أصدقاء مقربين للعائلة الذين لا يوجدون في المكان، وفي بعض الأحيان، يمكن أن تجد الأم تتحدث في الهاتف مع شخصية خيالية أو حتى مع نفسها.
في هذه المرحلة، يمكن للطفل التحدث إلى أطفاله بأنواع مختلفة من الألعاب، مثل الدُمى والعرائس، وهذا الأمر طبيعي، حيث يرغب الطفل في إنشاء علاقات مع اللعب كنوع من المرح والتسلية دون أي تداعيات سلبية.
- تهدئة النفس
كثيراً ما يحدث أن يتحدث الطفل لنفسه عند الغضب منه أمر ما، أو عند التعرض لأي من المواقف التي تشعره بالضيق والحزن، لذا فهذا لا يعتبر اضطراب نفسي ولا مشكلة لدى الطفل، ولكن ما يحدث هو محاولة من الطفل لتهدئة نفسه والحفاظ على ثباته الانفعالي، وربما يكون هذا مؤشرا جيد لأن الطفل في هذا السن حين يسيطر على أنفعالات بهذه الطريقة يعني أن لديه الكثير من الحكمة والنضج الداخلي.
متى يشير حديث الطفل لنفسه إلى مشكلة
على الرغم من أن حديث الطفل لنفسه قد لا يدل على وجود مشكلة وقد يكون ذلك ناتجا عن مهارات تنموية طبيعية لدى الأطفال أو نشاطاتهم الهواية، إلا أن هذا الأمر قد يصبح مقلقا في الكثير من الأحيان، خاصة إذا لاحظ الأبوين أن الطفل يتكرر في قول جملة واحدة بشكل مستمر، أو إذا كان الطفل يعاني من تأخر في النمو أو يفضل الجلوس لوحده ولا يرغب في اللعب مع الآخرين، ويفضل العزلة.
يمكن أن يكون الطفل يعاني من مشكلة التوحد عندما يظهر هذا الأمر، وهذا يتطلب الاستشارة الطبية الفورية للحصول على المساعدة اللازمة لتفادي تفاقم حالة الطفل. ومع ذلك، هناك علامات أخرى مرتبطة بحالة طفل التوحد، بما في ذلك الحديث مع الذات، ولا يمكن الحكم على إصابة الطفل بالتوحد إلا إذا كان يعاني من هذه الأعراض:
- يمتنع الطفل المريض بالتوحد عن الملامسة والعناق مع أي شخص من حوله، ويتسبب ذلك له في شعور بالتوتر الشديد.
- تكرار الكلمات دائماً
- الأطفال المرضى بالتوحد لا يستجيبون للكلمات أو الأوامر التي توجه لهم، ويبدو دائمًا كأنهم لا يسمعون ما يقال لهم وهم بجانبهم.
- يمكن أن يواجه الأطفال الذين يعانون من التوحد صعوبة في التحدث والتلعثم، ويمكنهم أيضًا تأخر في الكلام مقارنة بأقرانهم.
- يتحدث الأطفال الذين يعانون من التوحد بطريقة مختلفة عن الطريقة الطبيعية للأشخاص، حيث يتحدثون ببطء شديد ولا يشاركون مشاعرهم في الحديث، ولذلك ربما يبدون كالأشخاص الآليين.
- يعاني طفل التوحد من صعوبة في فهم الإشارات والإيماءات، حيث لا يتفاعل معها، ويعتبر شخصًا يعاني من ذلك.
- يفتقر طفل التوحد إلى القدرة على استخدام الكلمات والإشارات بطريقة صحيحة، ولذلك غالبًا ما يتكرر استخدامه للكلمات بدون فهم لمعناها.
- يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من صعوبة شديدة في إجراء محادثات مع الأشخاص، ولا يستطيعون التركيز على الحديث مع أي شخص.
- يُعاني الأطفال المصابون بالتوحد من صعوبة كبيرة في التعبير عن مشاعرهم أو فهم مشاعر الآخرين.
- يعاني طفل التوحد من صعوبة في التواصل الحركي والبصري.
التخلص من حديث الطفل لنفسه
على الرغم من أن الحديث مع النفس ليس مشكلة خطيرة أو مؤشرًا على تلف الطفل، إلا أنه إذا كان مصاحبًا للأعراض المذكورة مع مرض التوحد، فيجب اتخاذ بعض التدابير للتغلب على هذه المشكلة إذا كانت مقلقة للآباء، ويمكن اتباع بعض التعليمات التي تساعد على التخلص من هذه المشكلة
- يجب التحدث مع الطفل بكل الأمور التي تشغله وإعطائه الفرصة للحديث بحرية عن الأمور التي تزعجه دون أي حرج أو خوف.
- يمكن تشغيل الطفل بأنشطة مختلفة للتخلص من العادات السلبية التي تعكس الفراغ أو عدم وجود أنشطة تشغل وقته.
- يمكن توجيه الطفل للقيام بما هو مناسب له، مثل حثه على عدم الثرثرة أو الحديث لنفسه بدون هدف أو داعٍ.
- يمكن التعاون مع الأطفال في الأعمال المنزلية وإنجاز العديد من المهام التي تعطيهم الإحساس بأهميتهم.
- يجب معرفة احتياجات الطفل النفسية والعمل على تلبيتها، حتى لا يعاني من نقص عاطفي أو احتياجات نفسية تجعله يتحدث مع نفسه كثيرًا.
- يجب ترك مساحة للطفل للتعبير عن نفسه ورأيه، حتى يشعر بأهميته وأن رأيه ذو أهمية.