هناك ثلاثة كلمات تحمل الكثير من المعاني عندما نتحدث عن سقوط الدول. فالسقوط لا يعني بالضرورة سقوط النظام، حيث يوجد فرق كبير بين المصطلحين. فعندما نتحدث عن سقوط الدولة، نعني سقوط الأركان الرئيسية للدولة، بينما سقوط النظام يمكن أن يؤدي إلى بعض الاضطرابات في الدولة، ولكنها في النهاية تحتفظ بقدرتها على التجاوز والبقاء .
بعد البحث الطويل في كتب التاريخ والعلوم السياسية، اتفق العديد من المتخصصين على أن هناك مجموعة من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى سقوط الدول وانهيارها، ومن أهم هذه الأسباب ما يلي:
انهيار القانون وشيوع الفوضى :
يعد هذا المرحلة بمثابة المرحلة الأولى من مراحل سقوط الدول، حيث يفقد الحاكم السيطرة على أركان الدولة ولا يستطيع فرض هيبتها كما كان من قبل، ويترتب على هذا الأمر ارتفاع معدل الجريمة والانفلات الأمني والأخلاقي، وينتج عن ذلك انهيار مرافق الدولة، وحينها تصبح الدولة غير قادرة على تلبية احتياجات الناس الأساسية .
عدم القدرة على تحقيق العدال وردع الظلم :
عندما لا تستطيع الدولة تحقيق العدالة وصد الظلم عن المظلومين، فإن ثورة الغضب تجتاح نفوس الشعب، ويبدأ كل فرد في التفكير في آلية يمكن من خلالها صد الظلم والحصول على حقوقه بالقوة ،
وفي هذه المرحلة، سنصل إلى نفس النتيجة السابقة، والتي تتضمن الكشف عن الظلم وانتشار مشاعر الغضب، وتلك المشاعر هي عوامل تؤدي إلى انهيار الدول .
سوء اختيار الأعوان
يمثل سوء اختيار الأعوان من قبل الحاكم محاولة انتحار صريحة للدولة، وفقاً لوصف ابن خلدون، حيث يقوم هؤلاء الأعوان بتعطيل الحاكم والتلاعب بقراراته، وبالتالي يعرقلون العدالة والإنصاف .
يعد هذا الأمر بمثابة الشرارة الأولى التي تساعد على سقوط الدول وهدم الأوطان، وفقا لقول جلال الدين الرومي، إذ إن الأمم تموت عندما لا تمتلك القدرة على التمييز بين الحق والباطل .
مرحلة العجز عن الاستجابة للتحديات :
يرى المؤرخ البريطاني “توينبي” أن الدولة تصل إلى مرحلة السقوط والانهيار عندما تفشل في مواجهة التحديات التي تواجهها. ويعد هذا الوضع قتلاً لروح الدولة وقدراتها الإبداعية .
في حال فقدان القدرة على التجديد وعدم قدرة الدولة على مواجهة هذه التحديات، فإنها تدخل مرحلة الإنهيار والانهيار .
وأكد على هذه النظرية المؤرخ ” ديورانت ” ، والذي رأى أن الدول الكبيرة لا تهزم ، إلا عندما تبدأ في تدمير نفسها من الداخل ، أضاف أن الدولة التي لا تمتلك القدرة، على مسايرة المتغيرات العامة التي تطرأ عليها ، لا يمكنها الإحتفاظ ببقائها لفترة طويلة ، ويبقى مصيرها مهدده بالسقوط .
ثلاثة الاستبداد ( القمع والاقصاء ورعاية الفساد ) :
القمع والاقصاء ورعاية الفساد ، من العوامل الهامة التي تؤدي، إلى سقوط الدول ، واطلق المؤرخون على هذه العوامل اسم ” ثلاثية الاستبدال ” ، والتي تؤدي إلى تراكم مشاعر السخط ، وعدم القدرة على السيطرة، على الأركان الأساسية في الدولة ، الأمر الذي يهدد بسقوط الدول، على الرغم من تحصينها بأعتى الأجهزة القمعية والمتسلطة في العالم .
الفساد الاقتصادي :
لا شك أن تراجع الأوضاع الاقتصادية وارتفاع خط الفقر هما من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى انتهاكات من قبل كيانات الدولة، وبالتالي تزداد خطورة سقوط الدول وانهيارها .