هناك صفات عامة اجتمعت عليها البشر منذ بداية التاريخ، وليس هناك خلاف فيها بين الناس في جميع أنحاء الأرض وفي أي بلد في العالم، سواء كان بلدا عربيا أو غربيا، ويرجع ذلك إلى فترة الإنسانية الأولى التي كانت تميل إلى جميع أنواع السلوكيات الطيبة التي تساعد على زيادة التقارب والمودة والتألف والتراحم بين جميع الناس.
وعلى الرغم من أن الدين يسهم في تنمية هذه الصفات العظيمة والحميدة في الإنسان، إلا أنه أيضا يشجعه على أن هذه الأفعال والصفات ستجلب له الجزاء الأكثر سخاء من قبل الله ورسله والمؤمنين. ويجب على كل مسلم ومسلمة أن يتحلى بهذه الصفات لكي ينال جنة النعيم ويكون بجوار الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين في جنتها التي تمتد للسماء والأرض وقد خصصت للمتقين.
أسباب نفور الناس من صفات بعينها
أكدنا أن هناك العديد من الصفات التي يتفق عليها البشر بأنها صفات مميزة وجميلة تعمل على نشر الحب والمودة وروح التعاون والسلام بين البشر، وبغض النظر عن اختلاف ألوانهم وأشكالهم ودياناتهم. وإن كان الدين يساعدنا في فهم هذه الصفات، فإنها جوهر الإيمان والإحسان وتعزز تطور الأمم والنهضة في كل المجالات. وبهذه الصفات، لن تحدث الحروب والسرقات والقتل وانتهاك الحرمات وفساد الأخلاق والأمور الأخرى التي أفسدت البشرية وأتلفت الكثير من الأمور .
يكمن السر في اتفاق الناس على أن بعض الصفات حميدة والبعض الآخر مكروه وينفر الناس منه إلى درجة الكراهية الشديدة، وهذا ما اتفقوا عليه ويشعرون به جميعًا نتيجة لتلك الأفعال أو الصفات التي تدعو للنفور منها.
إجتماع البشر من قديم الأزل هو المحدد الأساسي للصفات التي يعمد البشر إلى قبولها و النفور من البعض الأخر؛ و لذلك إذا إجتمع البشر على أن الكذب سيء و يتسبب في حدوث الكثير من المشاكل في العلاقات الإنسانية بشكل عام و الأسرية بشكل خاص فهي حقاً من الصفات السيئة التي يجب على البشر الإبتعاد عنها.
صفات ينفر منها الناس
الغرور
لا يوجد أحد فينا يحب أن يتعامل مع شخص مغرور دائما ما ينسب كافة أشكال النجاح له وحده و أن أي عمل أخر مهما كان نابع من أفكاره هو وحده ، و أنه مهما كان هناك من الناس من وقف إلى جواره في وقت من الأوقات فهو صاحب الفضل على نفسه و لا يوجد أحد في هذا الكون يستحق كلمة شكر غيره، وبالرغم من ذلك هناك العديد منا من يصفه البعض بأنه مغرور؛ لكنه يعمد دائما إلى إنكار هذا و إن كان في داخله يعلم جيداً أنه كذلك فدائماً من لديه صفات غير مرغوب فيها و هو يعلم ذلك لا يحب من يكشف حقيقته أمام الغير أو حتى يعمل على علاجها.
النميمة و الغيبة
النميمة والغيبة، سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة، يمكن أن تتسبب في مشاكل بين الأقارب والأصدقاء وحتى بين الزوجين، وهي من أسوأ الصفات التي تدمر المحبة والود وتفسد الصلات الأسرية، وتشبه أكل لحم الإنسان كما ذكر في سورة الحجرات .
و ما أعظم من هذا تشبيه عن حقارة هذا الفعل المُشين فكيف يمكن لشخص أن يأكل في لحم أخيه المؤمن و يعمل على تدمير علاقاته بأهله إذا أقدم على أن يتحدث بما فيه و هو لا يعلم و إن كانت تلك الصفات فيه فهو إغتابه ولا يقدر أن يتحدث بذات الطريقة في وجوده. فلا يحب أي منا أن ينعته أخر بما فيه أو حتى و إن كانت فيه فهو من الصفات السيئة التى يكرها الله ؛و لقد أعد الله لهم نار جهنم لا يخرجون منها ويُبدلون جلوداً غير جلودهم جزاء لمن يغتاب ويمشي بين الناس بالغيبة والنميمة.
السلبية و التشاؤم
يقول سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام تفاؤلوا ولا تتشائموا و بشروا ولا تُنفروا و هي دعوة للتفاؤل و الإيمان بالله و أن الله سبحانه و تعالى بيده الخير كله ، و ما يحدث من خير و شر هو لحكمه يعلمها الله وحده و لكي يعمل على ترقيه عباده ، و السمو بأنفسهم حتى يعلموا القيمة الحقيقية للحياة و الهدف الأساسي من وجود البشر على أرض هذه الدنيا .
و لكن هناك العديد من الناس يرفعون لواء التشاؤم و ينشروه فيما بينهم و في كل وقت و إذا وجدوا من يعمل و يجتهد ويسعى إلى أن يكون الأفضل و يتعلم من أخطائه و إذا فشل يُعاود المحاوله ، يحاولوا إحباطه دائما و نعته بالفاشل و أنه لن يستطيع فعل أى شيء مهما حاول و أن الحظ لن يكون حليفهم أبداً .
هؤلاء السلبيين ينشرون السوء بالقول و تأثيرهم مميت و هم كالمواد السامة التي إن إنتشرت سوف تقتل كل من حولها لذلك يجب على كل واحد منا في دائرته هؤلاء الأشخاص أن يبتعد عنهم و أن يعمل على إزاحتهم من حياته بشكل نهائي و إلا لن يعرفوا للنجاح سبيل و لن يكونوا من الناجحين في الدنيا و الأخرة .
الكذب
نحن جميعا نكره الكذب، وإذا سئلنا عن الصفات التي نكرهها في شخص ما، فإن 99% من الإجابات ستكون الكذب. وهذه حقيقة، لأن الكل يكره الكذب، ولكن للأسف لا يمكن الاستغناء عنه، حتى ولو كان الكذب من الصفات التي تسبب النفور منا.
فأحياناً كثيرة تضطر للكذب لكي تنقذ حياتك من موت محقق و أحيانا تستخدم الكذب لكي تحصل على وظيفة أحلامك لكي تكسب لقمة عيشك ، و أحياناً تكذب حتى لا تجرح مشاعر الأخرين الذين لا يتقبلون الحقيقة بسهولة بل و أكثر من ذلك تكون الصراحة هي سبب من أسباب البعد و الفراق بيننا وبين الأقربين منا .
ولذلك نلجأ إلى قول الكذب و الذي نسميه أحياناً بالكذب الأبيض الذي لا يتسبب في مشاكل أو أضرار لنا أو لمن حولنا. ولكن الكذب هو الكذب و من يعتاد عليه فقد فقد أهم صفة من صفات الإنسان الصالح الذي يُحبه الناس و هو الصدق في القول و الفعل الذي يُميز بعض البشر عن غيرهم من فاقدي الأخلاق الحميدة التي يحبها البشر جميعاً.