يعرف مفهوم الانسحاب عن الزواج بأنه هو الرفض الداخلي لدى الأفراد لفكرة الارتباط والزواج وتأسيس الأسرة، وهو مشكلة تنشأ نتيجة لعدة أسباب اجتماعية أساسية، وتعد مؤشرا على أن المجتمع يعاني من اضطرابات ومشاكل أخرى، بالإضافة إلى أنه يتعرض للتهديد أو يحاط بالخطر. فتأخر الزواج والانسحاب عنه يعني حدوث تراجع في بناء المجتمع، والذي يعتمد بشكل كبير وعال على فئة الشباب فيه. وهذا سيؤدي إلى إعاقة تطوره وازدهاره، حيث أصبح من الملاحظ زيادة نسب الانسحاب عن الزواج، وخاصة بين الشباب، وذلك بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وخصوصا في تلك المجتمعات الإسلامية والعربية تحديدا. ويشكل هذا تهديدا مباشرا على تلك المجتمعات، نظرا لتهديده لنظام العادات والقيم الذي يعتبر ركيزة قوية في تماسكها الاجتماعي .
الأضرار والآثار السلبية المترتبة عل عزوف الشباب عن الزواج :- العزوف عن الزواج بلا أدنى شك له العديد من الآثار السلبية والتي سيأتي انعكاسها المباشر على المجتمع ككل ، حيث ستنتشر العديد من أشكال المفاسد الأخلاقية بالمجتمع ، حيث سيلجأ الشباب غير المتزوج إلى إقامة علاقات محرمة يستطيع من خلالها إشباع رغباته وحاجاته الأساسية إلى الطرف الأخر في حياته ، حيث سيكون الانتشار الواسع لكافة أشكال الرذيلة في المجتمع كنتيجة لانتشار تلك العلاقات الأثمة والمحرمة بين الشباب والفتيات وبالتالي يصبح المجتمع ككل مهدداً بالتدمير الاجتماعي والاندثار نتيجة لانخفاض أعداد المواليد به نتيجة قلة نسب الزواج ولعل ما نراه في بعض المجتمعات الغربية كنتيجة لما انتشر بها من أفكار أعطت ظهرها لفكرة الارتباط والزواج التقليدي في هذه المجتمعات مما نتج عنه قلة نسب المواليد بها وأصبحت مهددة بالاندثار والفناء .
أهم الأسباب المؤدية إلى العزوف عن الزواج :هناك عدة أسباب لانتشار ظاهرة الانحراف عن الزواج والتزاوج، وتشمل ذلك
أولاً :بسبب النسب العالية للفقر والبطالة بين أفراد المجتمع، فإن مستوى دخلهم قد انخفض بشكل كبير أو حتى أصبحوا بلا أي دخل مادي، وهذا يعني أنهم غير قادرين على الزواج وتحمل مسؤولية إعالة أسرهم المادية .
ثانياً :- ينتشر ارتفاع تكاليف المهور وتزايد المطالب المبالغ فيها بشكل كبير بين الشباب الراغب في الزواج، مما يعوق الأفراد عن الزواج نظرا للأعباء المالية العالية المرتبطة بها .
ثالثاً :- في بعض الأحيان يميل الشباب إلى عدم الامتثال للقيود الأسرية، حيث يتجنب تحمل أي مسؤوليات زوجية تتعلق ببناء الأسرة .
رابعاً :يطلق عليه فساد وابتعاد عن الدين وتعاليمه، حيث انتشرت تلك الظاهرة السلبية بين فئة الشباب بشكل كبير، وأصبح الكثيرون منهم قادرين على إقامة علاقات غير سليمة ومحرمة مع الطرف الآخر، ويقومون بتفريغ طاقتهم الجنسية بهذا الشكل المحرم في الدين الإسلامي دون اللجوء إلى فكرة الزواج، وقد ساهمت بعض النظم السياسية بشكل كبير في ذلك، من خلال إيمانها بمجموعة من القوانين البعيدة عن الدين الإسلامي وتشريعاته .
خامساً :تعاني الشباب تحت أعباء الحياة والمعيشة بشكل كامل، مما يجعلهم غير قادرين على الزواج ولا يستطيعون تحمل أعباء جديدة بجانب التحديات الحالية التي يواجهونها .
سادساً :زادت رغبة العديد من الشباب في الحصول على شهادات علمية متقدمة مثل الماجستير والدكتوراه، حيث يرون الزواج عائقا يقف أمام طموحهم في استكمال دراستهم العليا وبالتالي تحقيق نجاحهم الشخصي .
سابعاً :- يشعر الكثير من الشباب بالرهبة والخوف من فكرة بناء البيت وتكوين الأسرة في ضوء زيادة معدلات الطلاق والخلافات الزوجية التي يشهدونها في مجتمعاتهم، مما يؤثر سلبا عليهم ويجعلهم يخافون من الزواج .
ثامناً :نتيجة انتشار الفتن في عصرنا الحالي وفقدان الحياء بين الجنسين في التعامل، يوجد انعدام للثقة بين الشباب والفتيات، مما يجعل الكثيرين منهم يشعرون بعدم الثقة في أحد الجنسين سواء كان الشباب أو الفتيات .
تاسعاً :- – زيادة نسبة الهجرة إلى الخارج من الشباب، وخاصة في المجتمعات العربية، حيث يتوجهون إلى تلك الدول هربا من ظروفهم السياسية أو الاقتصادية في بلدانهم الأصلية .
عاشراً :- تأثر الكثيرون بالسلوك الغربي وتقليده ، مما أدى إلى تراجع الإقبال على الزواج ، حيث اعتبر بعضهم أن السلوك الغربي المتحرر وغير المنضبط بأي قيود هو النموذج الأفضل والقدوة ، بينما في المجتمعات الإسلامية والعربية تحظى فكرة الزواج بالكثير من الاحترام والتقدير .