أحكام القتل وتحريمه في الإسلام
قتل النفس عمدا بغير حق يعد من أعظم الكبائر التي يمكن أن يرتكبها الإنسان، ونهانا الله عنها في القرآن الكريم قائلا: `ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق`. وأوضح الله تعالى عقابها قائلا: `ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما` .
تحريم القتل في القرآن والسنة
حرص الإسلام على حماية حقوق المسلمين وحفظ دمائهم من التدفق بلا حق، وقد جاء في القرآن الكريم آيات تحرم القتل
– قال الله تعالى في سورة المائدة : لهذا كتبنا على بني إسرائيل أن من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا .
– قال تعالى في سورة الإسراء : يحث الله في القرآن على عدم قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، ومن قتل شخصا دون حق فقد منح الله وليه سلطة عليه، لذا فلا ينبغي أن يتجاوز الحد في القتل لأن ذلك يعد ظلما .
حرم الله تعالى عباده من قتل أنفسهم، وأشار إلى ذلك في سورة النساء: `ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله كان بكم رحيماً` .
– تحتوي السنة النبوية على أحاديث صحيحة تتحدث عن قتل المسلم بغير حق
قال أبو هريرة – رضي الله عنه -: رجل سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الكبائر، فقال: `هي تسعة`. قالوا: يا رسول الله، وما هي؟ قال: `الشرك بالله، والسحر`، وفي رواية: `وتعلم السحر`، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق .
– عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: `كل ذنب قد يغفره الله، إلا من مات وهو مشرك أو مؤمن قتل مؤمنا عمدا .
– عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” طالما لم يسبب المؤمن سفك دم حرام، سيظل صالحا ومعنقا، ولكن عندما يسفك دما حراما، سيتغير ويتحو .
– عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة – رضي الله عنه – فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل , قال: ارجع , فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ” إذا التقى المسلمان بسيفيهما , فالقاتل والمقتول في النار ” , فقلت: يا رسول الله , هذا القاتل , فما بال المقتول؟ قال: ” إنه كان حريصا على قتل صاحبه ” .
أنواع القتل وأحكام الفاعل
يوجد ثلاثة أنواع من القتل: القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ، ولكلٍ من هذه الأنواع عقوبته الخاصة بمرتكبها كالتالي:
القتل العمد
بمعنى أن يقوم الإنسان بضرب إنسان آخر بغرض قتله عن قصد، والحكم على الفاعل يكون بالرجوع إلى أولياء المقتول وتخييرهم بين القتل أو العفو أو أخذ دية مغلظة أثلاثًا ثلاثون حقة أي ناقة أتمت الثالثة ودخلت في الرابعة وثلاثون جذعة أي ناقة أتمت الرابعة وأربعون خلفة أي ناقة دخلت في العاشرة، ويجب أن تكون الدية من مال القاتل وليست من مال عشيرته .
إذا تاب القاتل عن فعله، تتوب عليه الله ويغفر له. قد قال الله تعالى في سورة الفرقان: `والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا، فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورا رحيما.` وفي حالة عدم التعزير، يجب على القاتل إكرام مؤمنة كفارة، وإن لم يتمكن من ذلك فعليه صيام شهرين متتابعين .
القتل شبه العمد
القتل شبه العمد بمعنى أن يكون الضرب مقصودًا ولكن القتل غير مقصود، ويكون جزاءها الدية، وقد اختلف فيها الفقهاء، حيث قال بعضهم كابن ليلي وابن شبرمه أن الدية تكون من مال القاتل، وقال آخرون كالشافعي وأحمد والنخعي أن الدية على العاقلة، وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة قال: “اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو أمة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها ” .
القتل الخطأ
واخيرًا القتل الخطأ وفيه يكون قصد الضرب والقتل منفيًا، ويجوب فيه الدية أخماسًا حيث روى أحمد وأصحاب السنن عن ابن مسعود قال: “قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين بنين مخاض ذكورًا، وعشرين بنت لبون وعشرين جذعة، وعشرين حقة ” ، كذلك يوجب فيه الكفارة وتكون بعتق رقبة ذكر أو أنثى صغير أو كبير أو صيام شهرين متتابعين .