أثر علماء المسلمين على الحضارة الغربية
التأثير الإسلامي في الحضارة الغربية
عندما ظهر الإسلام وأضاء العالم بنوره، عمل على إعادة صياغة الأمم بطريقة جديدة ومختلفة، مما جعلها الأمة العربية الإسلامية الأفضل التي خرجت للناس، والتي تنطلق من تحت مظلة العقيدة والشريعة الإسلامية، وتنشر حضارتها في أكبر دول أوروبا.
تأثرت أوروبا بالحضارة الإسلامية كما تأثرت الدول الغربية بشكل كبير خلال العصور الوسطى، حيث تم ترجمة العديد من المؤلفات العلمية بمختلف الفنون والعلوم إلى اللاتينية ونقلها إلى الدول الأوروبية، وتم تدريسها في الجامعات والمعاهد. كما اعتمدت هذه المؤلفات كمراجع أوروبية مهمة وموثوقة خاصة من قبل العلماء الغربيين الذين قدروا وأنصفوا تلك الحضارة.
أثر العلماء المسلمين في الحضارة الأوروبية
الجميع يشاهد بدهشة وإعجاب تقدم الحضارة الغربية في مختلف المجالات والعلوم، مما يجعل العرب يتمنون اللحاق بهم أو الاقتراب من تقدمهم إلى حد ما. يسافر بعض المسلمين العرب إلى البلدان الأوروبية لتعلم واكتساب خبرات الغربيين، ولكن في الواقع، ومنذ زمن بعيد، كان بين علماء المسلمين عباقرة تركوا خلفهم ما يعد الأساس للتقدم الحضاري والعلمي في الدول الأوروبية، ومن أهم إسهامات وأدوار العلماء المسلمين في تطور العلوم في الحضارة الأوروبية ما يلي:
إسهامات علماء المسلمين في الطيران
تعددت اسهامات العلماء المسلمين في مختلف العلوم، ومنهم عباس بن فرناس، أول طائر عاش في الفترة ما بين عامي 810 و 887، وقد كان العالم المسلم عباس بن فرناس هو أول من قام بمحاولة حقيقية لبناء آلة طيران وأخذها بالهواء في القرن التاسع بمدينة قرطبة في إسبانيا، وقد اكتسب معرفته للطيران عن طريق دراسته للطيور
ومن المعروف عن التاريخ أنه مليء بالخرافات وبالأساطير حول رجال قاموا بمحاولة الطيران، وقد كان إيكاروس أشهر من قام بالطيران بالقرب من الشمس لدرجة أن الشمع الذي كان يحمل ريشه ذاب وسقط في البحر وغرق، في حين أن أول محاولة ناجحة للطيران قام بها الصينيون حين حلقوا بطائرات ورقية في القرن الخامس قبل الميلاد تقريباً، ولكن في الواقع فإن أول محاولة لطيران الإنسان ناجحة أنجزها العالم عباس بن فرناس عام 875 ميلادية بمدينة قرطبة الأندلس.
الحسن بن الهيثم مخترع النظارات
العالم الرياضي الفيزيائي العربي المسلم الحسن بن هيثم هو واحد من أفضل العلماء المسلمين الذين لهم تأثير في أوروبا، وقد عاش في الفترة ما بين عامي 965 و 1039 م. وهو الذي وضع أساسيات البصريات الفسيولوجية، وأول من خلص إلى أن استعمال النظارات يمكن أن يساعد في التحسين والتصحيح البصري. لقد كتب العديد من الكتب الواسعة في الجبر والهندسة وعلم الفلك في بدايات القرن الثالث عشر، ولكن كتابه “كتاب المناظير” أو “كتاب البصريات”، الذي يتضمن نظريات حول الانعكاس والانكسار ودراسة العدسات، كان له تأثير كبير في العصور الوسطى، حيث قدم أول حساب للرؤية وشرح سبب الشفق الذي يحدث نتيجة لانكسار أشعة الشمس بالغلاف الجوي للأرض
الزهراوي في علم الجراحة والتشريح
أبو القاسم خلف بن الزهراوي عاش في الفترة ما بين عامي (329-404 هـ / 940-1013 م)، وكان أحد أبرز جراحي المسلمين، وكان يشدد على أهمية معرفة التشريح لدى الجراحين، وكذلك أهمية التشريح في اكتساب المعرفة حول جسم الإنسان. يمكن من خلاله معرفة أسباب الوفاة والاستفادة من رؤية حالات مشابهة. ومن أشهر أعماله موسوعته التي تحمل عنوان (التصريف لمن عجز عن الطائف) وتوضح أكثر من 150 أداة جراحية.
حين إجراء العمليات الجراحية اهتم المسلمون الجراحون بشكل خاص بتعقيم مكان العملية؛ حيث أوضح الزهراوي بموسوعته طرقًا كثيرة لتوفير بيئة معقمة، وبها اشتملت العمليات الجراحية الاعتماد على التخدير العام، على سبيل المثال تم استعمال اسفنجة مخدرة غارقة بزيت الحشيش، والأعشاب، والبلادونا، والأفيون، ثم جففت بالشمس.
وحينما يأتي الوقت يتم ترطيب الاسفنجة ثم وضعها على أنف المريض إذ تمتص المواد المهدئة عبر أنسجة المريض لإدخاله في حالة من النوم العميق بما يكفل بقاء المريض دون الشعور بالألم خلال الجراحة، وقد استخدم المسلمون الجراحون الخيوط الجراحية المصنعة من أمعاء الحيوانات ومن أمثلتها أمعاء القطط، إذ قام الزهراوي بتعليم طلابه طريقة خياطة الجروح بواسطة الخياطة السحرية الداخلية المشابهة لتلك التي يتم استعمالها اليوم بعمليات التجميل اليوم، كما تغطي موسوعة الزهراوي الجراحة التجميلية، ومن أمثلتها تصحيح التشوهات بالأنف والأذن والشفة، كما يناقش جراحة الأوعية الدموية.
ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية
اكتشف ابن النفيس دوران الأوعية الدقيقة بالرئة قبل ثلاثمائة عام من ولادة العالم ويليام هارفي، الذي ادعى أنه أول عالم يقوم بذلك، حيث كان ابن النفيس واسمه (علاء الدين أبو الحسن علي بن أبي حزم القرش) عالمًا مسلمًا معروفًا موسيقيًا أطقلق عليه لقب والد فسيولوجيا الدورة الدموية، كما يعد هو أول من وصف الدورة الدموية الرئوية، على الرغم من أن المعاهد الغربية التعليمية قانت بنسب ذلك الاكتشاف إلى العالم الإنجليزي ويليام هارفي بالقرن السابع عشر.
كان ابن النفيس مفكرًا متعدد الجوانب، حيث قدم مساهمات كبيرة في مجالات مختلفة مثل الفقه والسياسة والتشريح، وعلى الرغم من شهرته الكبيرة في مجال طب العيون وتشريح الجسم البشري، إلا أن عمله المكثف في مجال الدورة الدموية الرئوية يبرز في مجال العلوم.
كان مفكر القرن الثالث عشر قد قدم نظرة حادة في وقت مبكر حول دوران الشريان التاجي والشعيرات الدموية، وتمت دراسات في القلب والدورة الدموية منذ حوالي 500 قبل الميلاد لأول مرة بتشريح الحيوانات، وقد تم تأكيد هذه الدراسات بواسطة Herophilus of Chalcedon في العام 300 قبل الميلاد خلال دراسات الجثث، ووصف أرسطو القلب بأنه عضو ثلاثي الغرف في عام 350 قبل الميلاد.
شهادة الغربيين بفضل الحضارة الإسلامية على أوروبا
وصف العديد من كبار الرجال والقادة في الحضارة الغربية والدولة مدى تقديرهم للحضارة الإسلامية وإسهاماتها في أوروبا، وفيما يلي بعض الأمثلة التي توضح ذلك:
- ألفونسوا العاشر: كان ألفونسوا محبا للتقرب من المسلمين والجلوس معهم، واعتمد عليهم في العديد من المهام والوظائف المتنوعة.
- ألفونسو السادس: كان الملك الفونسو السادس محبا للمسلمين، حيث كان معظم مستشاريه ومساعديه من المسلمين.
- فريدريك الثاني: كان تظاهره بالمسلمين العرب بالغا وعظيما، وكان متقنا في الحديث باللغة العربية، وتميزت طفولته بالعلاقة الوطيدة التي جمعته مع قاضي المسلمين في مدينة بالرمو، وهو الذي قدم العديد من الكتب العربية له.