زد معلوماتكمعلومات

أثر الوراثة والبيئة على الذكاء

العوامل المؤثرة في الذكاء

يؤثر الذكاء البشري بشكل كبير على العوامل البيولوجية والبيئية والأخلاقية، حيث تنتقل القدرات المعرفية من الآباء إلى الأبناء من خلال الجينات البيولوجية وتأثير البيئة المحيطة والعوامل الأخلاقية.

يتضح من خلال عدد من العوامل، مثل رباط الذكاء بين الأفراد ووالديهم، والأمراض الوراثية للدماغ، ومعدلات الذكاء المشابهة للتوائم المتطابقة، وتشابه مناطق اللغة في الدماغ بين أفراد العائلة، والمهارات المعرفية، مثل اللفظ والمكان، والردود العاطفية، وحتى بعض الصفات الشخصية، بما في ذلك ردود الفعل العاطفية، أن هذه العوامل تؤثر على الذكاء والتفكير لدى الأفراد.

يترتب الذكاء على بنية وتطور الدماغ، حيث يرتبط مستوى الذكاء بحجم الدماغ؛ ويتأثر الذكاء بعوامل مثل نسبة وزن الدماغ إلى وزن الجسم، وفي الأسماك مثلاً تكون هذه النسبة 1:5000، بينما تصل في البشر إلى 1:50.

قد يؤدي القيام بالأنشطة العقلية إلى تقليل ذكاء الأدمغة الكبيرة من حين لآخر، ويؤثر حجم الجبهة بشكل كبير على نتائج اختبارات الذكاء. بالإضافة إلى موقع نسيج المادة الرمادية وحجمها والسماكة الكلية للقشرة، فهي جميعها عوامل تؤثر على الذكاء المرتبط بالدماغ.

الذكاء بين الوراثة والبيئة

منذ حوالي قرن من الزمان، تم دراسة الذكاء كأول سمة سلوكية باستخدام التصاميم الجينية الكمية الناشئة حديثًا مثل دراسات التوائم والتبني.

أظهرت الدراسات المستمرة أن التأثير الجيني على الفروق الفردية في الذكاء كبير، ولهذا أصبح الذكاء هدفًا للدراسات الجينية الجزيئية التي تسعى إلى تحديد الجينات التي تتحكم في وراثة الذكاء.

من الأبحاث والنتائج التي توصلت إليها، يعرف أن التأثيرات الجينية والبيئية تلعب دورا كبيرا في تحديد درجات الذكاء.

بالإضافة إلى الخلافات حول الطبيعة الأساسية للذكاء، قضى علماء النفس وقتًا وطاقة كبيرين في مناقشة التأثيرات المختلفة على الذكاء الفردي، ويركز النقاش على أحد الأسئلة الرئيسية في علم النفس، وهي: ما هو الأكثر أهمية، الطبيعة أم التنشئة؟

هل تلعب الجينات والذكاء دورًا أكبر في تحديد مستوى الذكاء؟ ويتفق علماء النفس اليوم على أن كلًا من الجينات والبيئة يلعبان دورًا في تحديد مستوى الذكاء

أصبح الآن مسألة تحديد مقدار تأثير كل عامل بالضبط.

تشير الدراسات في علم الوراثة للذكاء إلى أنه لا يوجد “جين ذكاء” واحد يحكمه، بل هو نتيجة تفاعلات معقدة بين العديد من الجينات.
من المهم بعد ذلك ملاحظة أنَّ علم الوراثة والبيئة يتفاعلان لتحديد كيفية التعبير عن الجينات الموروثة بالضبط.

على سبيل المثال، إذا كان لدى الشخص أبوين طويلين فمن المحتمل أن يصبح الفرد طويل القامة، ولكن يمكن أن يتأثر الارتفاع الدقيق الذي يصل إليه الشخص بالعوامل البيئية مثل التغذية والمرض.

قد يولد الطفل بجينات محددة، ولكن إذا نشأ في بيئة محرومة يعاني من سوء التغذية ويفتقر إلى فرص التعليم، فقد لا يحقق نتائج جيدة في اختبارات معدل الذكاء.

علاقة الذكاء والبيئة

نادرًا ما يفضل العلماء وجهة نظر الطبيعة على تأثير التنشئة عندما يتعلق الأمر بمسألة تأثير الذكاء البشري.
هل يتم تحديد مستوى الذكاء الخاص بنا عند الولادة، أم أننا نكتسب معدل الذكاء الذي نملكه من بيئتنا الاجتماعية بعد الولادة؟

هذا سؤال صعب، حيث إن الكثير من الجينات لها دور أساسي في التعبير عن الذكاء البشري، وقد يؤدي تشغيلها أو إيقافها إلى تأثيرات واضحة.

هناك الكثير من الدراسات حول هذا الموضوع، حيث أنطلق فريق دولي من الباحثين في برلين لاستكشاف السمات المتأصلة في مجموعة مختارة من الجينات بين 1500 مراهق،ثم قام العلماء بمقارنة النتائج مع درجات الذكاء التي حصل عليها المراهقون وبعض سماتهم العصبية.

اكتشفت دراسة نشرت في مجلة Translational Psychiatry علاقة واضحة بين التعديلات الجينية في جين معين يسمى `مستقبل الدوبامين` والذكاء العام، وذلك حسبما صرح الباحثون الذين قاموا بالدراسة.

تشير هذه النتيجة، كما يقولون، إلى أن تجارب حياتنا يمكن أن تؤثر على توصيلات دماغنا وكيفية تعبير بعض جيناتنا في تفكيرنا وسلوكنا.

أوضح الباحثون أن أحد التفاسير المحتملة لقابلية مقياس الأداء المعرفي هو أن العوامل البيئية تعدل التعبير الجيني عبر آليات الوراثة اللاجينية.

قد تساعد العوامل الوراثية وفوق الجينية في فهم الملاحظات الأخيرةحول الارتباط بين الترميز المعتمد على الدوبامين والأخطاء في التنبؤ بالمكافأة والقدرة المعرفية، والتي يتم تعديلها بواسطة أحداث الحياة المعاكسة.

يلعب الدوبامين الناقل العصبي دورًا مهمًا في نظام المكافأة في أدمغتنا ويؤثر على مستوى وطبيعة الدافع والتحفيز، كما تمكن الباحثون من إنشاء رابط واضح بين التنظيم اللاجيني للانتقال العصبي للدوبامين، وأداء اختبار الذكاء لدى الشخص. ويقولون: “أدى التعديل الوراثي فوق الجيني إلى إسكات جين مستقبل الدوبامين، وتحمل الخلايا العصبية عددًا أقل من مستقبلات الدوبامين، وتم تقليل نقل الإشارات.

علاقة الذكاء والوراثة

يمكن أن يؤثر مرض معين يصيب الإنسان في مرحلة الطفولة، على مستوى الذكاء لأي شخص، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انحياز مساره الوراثي.

يُشار بمصطلح الوراثة إلى الاختلافات التي تنتقل من جيل إلى آخر عبر الحمض النووي؛ ولكن جميعنا نتشارك في 99.5٪ من أزواج قواعد الحمض النووي البالغ عددها ثلاثة مليارات. وبالتالي، يفصلنا وراثيًا فقط 15 مليون اختلاف في الحمض النووي.

يشتمل اختبار الذكاء على مجموعة متنوعة من الاختبارات التي تقيّم القدرات المعرفية والمهارات المكتسبة في المدرسة.
تُعكِس القدرة الإدراكية العامة، المعروفة باسم الذكاء بشكل أكثر دقة، أداء شخص ما عبر مجموعة واسعة من الاختبارات المختلفة.

تؤثر الجينات بشكل كبير في الاختلافات في الذكاء بين الناس، ولكنها ليست العامل الوحيد المؤثر؛ إذ تشكل الجينات حوالي نصف جميع الاختلافات في الذكاء بين الناس. وبالتالي، فإن النصف الآخر لا يرجع إلى الاختلافات الجينية، مما يشير إلى أهمية العواملالبيئية.

يعكس هذا التقدير البالغ 50 في المائة نتائج دراسات التوائم والتبني والحمض النووي، من بينهم على سبيل المثال، أنّه في وقت لاحق من الحياة، يكون الأطفال الذين يتم تبنيهم بعيدًا عن والديهم البيولوجيين عند الولادة يشبهون والديهم البيولوجيين تمامًا مثل الأطفال الذين تربوا من قبل والديهم البيولوجيين.
وبالمثل، ندرك أن الآباء المتبنون وأطفالهم المتبنون لا يتشابهون في الذكاء.

اكتشاف آخر مثير للاهتمام بشكل خاص هو أنّ التأثير الجيني على الذكاء المقاس يبدو أنه يزداد بمرور الوقت، من حوالي 20 في المائة في الطفولة، إلى 40 في المائة في سن المراهقة، إلى 60 في المائة في مرحلة البلوغ؛ وقد يكون أحد التفسيرات المحتملة أن الأطفال يبحثون عن تجارب ترتبط بنزعاتهم الوراثية،  وبالتالي تتطور بشكل كامل.

تعريف الذكاء

تم تعريف الذكاء بعدة طرق، ومنها يمكن تعريفه بأنه مجموعة من القدرات المتعددة على مستوى عالٍ، مثل التفكير الاستنتاجي والتمثيل العقلي وحل المشكلات وصنع القرارات والقدرة على التعلم والمعرفة العاطفية والإبداع والتكيف الفعال مع متطلبات البيئة.

عرّف عالم النفس روبرت ستيرنبرغ الذكاء بأنه `القدرات العقلية اللازمة للتكيف مع أي سياق بيئي وتشكيله واختياره`.

تعود دراسة الذكاء البشري إلى أواخر القرن التاسع عشر، عندما بدأ السير فرانسيس جالتون بدراسة الذكاء وكان من بين أوائل الأشخاص الذين درسوا هذا المجال.

كان غالتون مهتمًا بفكرة الفرد الموهوب، لذلك أنشأ مختبرًا لقياس أوقات الاستجابة والخصائص الفيزيائية الأخرى للاختبار الفرضي الذي يقول إن الذكاء هو قدرة عقلية عامة ناتجة عن التطور البيولوجي.

افترض غالتون أن السرعة والسمات الجسدية الأخرى هي عوامل تطورية مفيدة، ولذلك فإنها ستوفر مؤشرًا جيدًا على القدرة العقلية العامة، وبالتالي قام غالتون بتشغيل الذكاء كمؤشر على القدرة العقلية.

يعد التفعيل عملية هامة في البحث، تتضمن تعريف ظاهرة غير قابلة للقياس (مثل الذكاء) باستخدام مصطلحات قابلة للقياس (مثل وقت الاستجابة)، وهذا يمكّن من دراسة المفهوم تجريبيًا.

دراسة غالتون عن الذكاء في بيئة المختبر وتحليله لوراثة الذكاء، فتحت الطريق لعقود من البحث والنقاش في هذا المجال في المستقبل.

تختلف آراء الباحثين حول الذكاء، حيث يعتبر البعض أن الذكاء هو قدرة عامة، بينما يرى آخرون أن الذكاء يتضمن مهارات ومواهب محددة. ويؤكد علماء النفس أن الذكاء له علاقة بالوراثة أو التناقل الجيني، في حين يرى آخرون أنه يتأثر بشدة بالبيئة المحيطة به.

نتيجة لذلك، قام علماء النفس بتطوير العديد من النظريات المتناقضة حول المفهوم الذكاء، بالإضافة إلى اختبارات فردية تهدف إلى قياس هذا المفهوم بالذات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى