أثر الطباق في المعنى

أثر الطباق في جمال المعنى

الأطباق تندرج ضمن قواعد اللغة العربية كجزء من فن البديع، الذي يهدف إلى تحسين التعبير بشكل معنوي. فن البديع هو وسيلة لتحسين الكلام وتطويره في اللغة العربية، بهدف إيصال الرسالة بوضوح واكتمال للمستمع. والهدف الأساسي منه هو تحقيق الغاية المرجوة. تتضمن طرق تحسين الكلام في فن البديع التحسين اللفظي والمعنوي.

: يشمل التحسين اللفظي السجع والجناس، ويشمل التحسين المعنوي الطباق والمقابلة والتورية، ويؤثر الطباق على جمال المعنى بشكل عام

• هو إثارة الذهن وجذب الانتباه وتعزيز المعنى عن طريق التناقض.
• يبرز المعنى ويوضخه بالتضاد.

مثال:

• القوم ليس لديهم حديث إلا شكوى مستمرة، قد تكون لديهم اليأس فائدة وضرر.
• تظهر الأطباق هنا بين “النفع والضرر”، مما يظهر استسلام الناس لليأس، حيث تتساوى أضرارها وفوائدها.

أنواع الطباق

الطباق الإيجاب

• هو المجيء بالكلمة ومضادها أو عكسها.
• مثال(1): قال تعالى في سورة فاطر: وما يستوي الأعمىٰ والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحر وما يستوي الأحياء ولا الأموات ۚ إن الله يسمع من يشاء ۖ وما أنت بمسمع من في القبور.
• في هذا المثال هناك كلمات متضادة في هذا النص جاءت كالآتي:

1. الأعمى والبصير.
2. الظلمات والنور.
3. الظل والحرور.
4. الأحياء والأموات.

• مثال(2): لا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى.
• في هذا المثال هناك كلمات متضادة في هذا النص جاءت كالآتي:

1. أبيض وأسود.

• مثال(3): يمكنك القول: `اللهم، صاحب الملك، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير، وأنت على كل شيء قدير. تجعل الليل دخولا في النهار، وتجعل النهار دخولا في الليل، وتخرج الحي من الميت، وتخرج الميت من الحي، وترزق من تشاء بغير حساب.
• في هذا المثال هناك كلمات متضادة في هذا النص جاءت كالآتي:

1. تؤتي وتنزع.
2. تعز وتذل.
3. الليل والنهار.
4. الحي والميت.

• يسمى الطباق في البلاغة هو جمع المعاني المتضادة في الكلام المضاد.
• وإن التناقض بين كلمات الآية الكريمة يحدث من الكلمات نفسها دون الحاجة إلى أدوات النفي `السلب`.

الطباق بالسلب

• يتضمن هذا المفهوم استخدام التضاد بين الإثبات والنفي (الكلمة ونفيها).
• مثال(1): قال أحمد شوقي في تأبين صديقه: إنه قدم المال والجهد الكبير ولكنه لم يمنح الكرامة والشموخ.
• التضاد هنا جاء في التالي:أعطى ولم يعط.

• مثال(2): قال تعالى: `هل يتساوى الذين يعرفون والذين لا يعرفون؟ إنما يتذكر أولو الألباب`.
• التضاد هنا جاء في التالي:يعملون ولا يعلمون.

• مثال(3): “فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ”.
• التضاد هنا جاء في التالي:لا تخشوا واخشون”نهي وأمر”.

• نلاحظ هنا التضاد ليس في ذات الكلمة وإنما حصل من دخول النفي على “يعطي”، لذلك أصبح “لم يعط” هنا بمعنى منع أو بخل، كأنما تم طرح كلمتي أعطى ومنع بنفس الوقت، ويسمى هذا النوع من التعبير ب”طباق السلب”، وهو يحدث عندما يتم دمج إحدى أدوات النفي مع إحدى الكلمتين المشتقتين من نفس المادة.

الطباق الحقيقي

• المفهوم: ذلك الطباق يرد على سبيل الحقيقة.
• مثال: الله تعالى يقول في سورة النجم `وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى`.

الطباق المجازي

• المفهوم: ذلك الطباق يرد على سبيل المجاز.
• مثال(1): في سورة الأنعام، يقول الله تعالى: `من كان ميتا فأحييناه`.
• مثال(2): محيي القريض مميت المال.
• مثال(3): تضحك الأرض من بكاء السماء.
• مثال(4): ابتسام في لوامع برقه وبكى من دوقه.

الطباق الظاهر والخفي

• الطباق الظاهر: صريحاً مباشراً يدرك بسهولة وبسرعة.
• الطباق الخفي: يعتبر الغير المباشر صعب الإدراك بسرعة وسهولة، ويسمى خفيًا لأنه يخفي على الجمهور ويحتاج إلى التأمل.
• مثال: الكون قاس ورحيم، أليس من الأفضل أن نجعل المجرمين يعيشون مثل المسلمين، ليستقروا فيه ويتمتعوا بنعمته؟ أيهما أفضل، الشر أم الرشاد؟ يحذر الإنسان من الآخرة ويأمل رحمة ربه، بالسب والثناء.

طباق التدبيج

• يتم ذكر ألوان مختلفة في معنى المدح أو غيرها بواسطة التشبيه أو التعبير الغير مباشر.
• مثال: الأبيض مقابل الأسود / الأحمر مقابل الأخضر وهكذا.
• سميت كذلك لأن الألوان التي حدث فيها التضاد زينت العبارة ودمجتها.
• شرط طباق التدبيج: يجب استخدام الألوان بشكل كاف أو توري للتعبير عن المعنى بالكناية.

الفرق بين الطباق والمقابلة

الطباق:

• هو الشيء وضده في الكلام.
• مثال(1): قال تعالى: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} سورة الحديد الآية (23).
  
• مثال(2):قوله تعالى:{تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} سورة آل عمران الآية (26).
  
• مثال(3): تؤكد سورة فاطر عدم المساواة بين الأعمى والبصير، وبين الظلمات والنور والظل والحرور، ولا يتساوى الأحياء والأموات.
  
• الفائدة: تثير العقل وتجذب الانتباه وتعزز المعنى من خلال التناقض.

المقابلة:

• هي الجملة وعكسها.
• مثال(1): فليضحكو قليلاً وليبكو كثيراً.
• مثال(2): لدى البشر مفاتيح الخير ومغاليق الشر.
• مثال(3): اللهم امنح الساعي سخاء وامنح الحافظ ضياعا.
• الفائدة: تثير العقل وتجذب الانتباه وتعزز المعنى من خلال التناقض.

أمثلة عن طباق من القرآن

• سورة الحديد: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}.
• سورة الكهف: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ}.
• سورة الرعد: يتساوى أمام الله سواءً من أسرَّ القول ومن جهر به، ومن يتخفى بالليل أو يسرب بالنهار.
• سورة الليل: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}.
• سورة الحاقة: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}.
• سورة الغاشية: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ}.
• سورة القصص: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}.
• سورة يس: {إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ}.
• سورة البقرة: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}.
• سورة نوح: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً}.
• سورة يس: {مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً}.
• سورة البقرة: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}.
• سورة النحل: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً}.
• سورة غافر: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ}.

المحسنات البديعية

تستخدم المحسنات البديعية مثل السجع والجناس والطباق والمقابلة والتورية من قبل الشعراء للتأثير على النص وتجميله وتحسينه.

• كان مصطلح علم البديع في الماضي يشمل أي فن من فنون البلاغة الثلاثة، ولكنه تحول مع العلماء المتأخرين ليصبح يشير فقط إلى الأنماط البديعية المعروفة.
• وضع بن المعتز أول كتاب فيه، وهو كتاب البديع الذي يحتوي على 18 نوعًا.
• وفقا لما ذكره بن جعفر في كتابه نقد الشعر، قام بإضافة فصول أخرى، ثم أضاف أبو هلال العسكري صاحب كتاب الصناعتين فصول أخرى، ثم أضاف أيضا أبو بكر الباقلاني في كتابه إعجاز القرآن، وقام أيضا إمام البلاغيين عبد القاهر بكتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة. واستمر هذا الأمر للجميع، وأطلق البديع سائر علوم البلاغة، حتى جاء الإمام بدر الدين بن مالك في كتابه المصباح وأضاف إليه علوم البلاغة الثلاثة (البيان والمعاني والبديع). وبالإضافة إلى ذلك، ركز على كل علم بفنونه.
• أعطى القزويني الشكل النهائي للعلوم الثلاثة في كتابيه التلخيص والإيضاح، ولم يتم إضافة أي شيء عليه ولم يتم تغييره، وقسمها إلى محسنات معنوية ومحسنات لفظية.