منذ بداية التاريخ الإنساني وظهور الصراع والتنافس بين البشر، كانت الحروب والصراعات الشديدة من أبرز الأسباب لحدوث الدمار وترك أثرها السيئ على البيئة والإنسان. على الرغم من أن الآثار السلبية تأثرت بكل شيء، إلا أنها كانت أكثر تأثيرا سلبيا على البيئة والإنسان منذ ظهور الثورة الصناعية في أوروبا. فقد تسببت عوامل مثل اكتشاف النفط وتطور التكنولوجيا الحديثة في صنع القطارات والطائرات والسفن الحديثة، ولكن استخدامها السيء في الصناعة الحربية وتطوير الأسلحة جعلها أكثر فتكا وتدميرا مما كانت عليه في الماضي بكثير. ومن بين هذه الأسلحة كانت الأسلحة النووية والذرية والقنابل النيتروجينية التي استخدمها البشر في تلك الصراعات والحروب. ومن أبرز الأحداث التي تشهد على ذلك كانت ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1945م خلال الحرب العالمية الثانية، حيث استخدمت قنبلة ذرية وألقتها على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان. وكانت النتائج تدميرية للمدينتين في جميع الجوانب، سواء من حيث الخسائر البشرية حيث قتل الآلاف وأصيب المئات وتشوهوا، أو من حيث تدمير التربة والجو والمياه في المدينتين. وحتى اليوم، تعاني تلك المدينتان من آثار القنبلة الذرية، حيث لا تزال المدن تحمل آثار التدمير في التربة والجو والمياه، على الرغم من مرور فترة طويلة على إلقاء القنبلة الذرية وارتكاب هذه الجريمة البشعة وغير الإنسانية. فالآثار السيئة لا تزال ماثلة حتى الآن .
أهم الآثار التي تركتها الحروب والصراعات على الإنسان والبيئة :- لقد تركت النزاعات المسلحة العديد من الآثار السلبية الجسيمة على الإنسان والبيئة، منها: –
تأثير الحرب على الإنسان
من العلم أن الحروب والنزاعات لا يسلم منها أحد، فلا إنسان، ولا حيوان، ولا نبات، ولا حجر، بإمكانه أن يفلت من تأثيراتها. فهي تشمل جميع أشكال الحياة، حيث يتم قتل المدنيين في منازلهم، ومع مرور الوقت، تتحلل جثثهم تحت أنقاض منازلهم المدمرة. وتؤدي هذه الحروب إلى انتشار العديد من الأوبئة والأمراض، وحتى الناجين الذين تمكنوا من الهروب إلى الملاجئ، يعانون في تلك الأماكن المكتظة، حيث لا يتوفر لهم الطعام والشراب ولا التهوية السليمة والصحية. فالبيئة المتاحة في تلك الظروف القاسية تسهم في انتشار الأمراض المميتة، مثل السل ومرض الكوليرا. حتى من ينجو من الموت بسبب القصف والقتل المباشر بواسطة الأسلحة العسكرية، سيظل أسيرا للموت البطيء، حيث الحروق والتشوهات والإعاقات الجسدية التي لا حصر لها. وصل الأمر إلى استخدام الأسلحة الكيميائية التي تؤثر على الجينات البشرية، مما أدى إلى ظهور جيل جديد من البشر المشوهين وغير المكتملين في نموهم. وهذا يشكل تهديدا خطيرا لبقاء الإنسان، حيث يواجه خطر الانقراض والزوال. وبالإضافة إلى ذلك، تترتب على الجميع آثار نفسية سيئة، سواء كانوا قتلة أو ضحايا .
أثر الحرب على المياه
أثرت الصراعات والنزاعات المسلحة العديد من الآثار المدمرة على كل جوانب الطبيعة ومن ضمن تلك الآثار كان أثارها السلبي على المياه بشتى صورها سواء المياه الخاصة بالبحار أو الأمطار أو حتى المياه الجوفية ، حيث كانت عملية التسخين الصناعي للماء وذلك من أجل أن يتم استخدامه في عمليات التصنيع ثم إعادتها مرة أخرى إلى المياه ولكن ليس بصورتها النظيفة بل بصورتها الملوثة والذي كان من نتائجه نفوق الكثير من تلك الكائنات البحرية والدقيقة منها وذلك بسبب إذابة الأوكسجين اللازم لحياتها وما قامت به السفن الحربية والغواصات من خلال التخلص من نفاياتها الحربية في المياه وغرق العديد منها وتسرب العديد من موادها السامة إلى المياه ومن ثم تلوثها وتلوث البيئة البحرية .
تأثير الحروب على الغطاء النباتي
لقد تسببت الصراعات المسلحة في آثار خطيرة على النباتات والبيئة الحيوانية. تم تدمير العديد من المساحات الشاسعة من الغطاء النباتي الأخضر، وأحد أبرز أمثلة ذلك حدث في اليابان والعراق وأفغانستان في العصر الحديث. تحولت تلك الأراضي الخضراء إلى أراض شبه صحراوية وأصبحت غير صالحة للزراعة مجددا. بالإضافة إلى ذلك، تلوثت التربة ببقايا المواد الكيميائية المستخدمة في الحروب والناتجة عن تدمير المعدات العسكرية بأنواعها. تضررت البيئة الحيوانية أيضا بسبب نقص الغذاء المتاح من النباتات أو التغذية على النباتات الملوثة، مما أدى إلى وفاة أعداد كبيرة من الحيوانات .