اسلامياتالقران الكريم

آيات تدل على التعايش بين الأديان

التعايش بين الأديان في الإسلام

مفهوم التعايش بين الأديان يستند إلى مبدأ التعاون والتفاهم الاجتماعي بين الأفراد، وليس هدفه توحيد الأديان أو التقارب بينها، وهذه الأمور تعتبر رداءة واضحة. فديانات أهل الكتاب تحرفت عن مبادئ موسى وعيسى، والإسلام جاء لتصحيح هذه التحريفات. ومع ذلك، فالإسلام لا يجبر أحدا على اعتناقه، فمن يؤمن فليؤمن ومن يكفر فليكفر. إن الدين الإسلامي يحترم حرية الاختيار، ومن يحاول إجبار الناس فهو يخالف تعاليم الدين الإسلامي. ومع ذلك، يعتبر مفهوم التعايش بين الأديان من الأمور المهمة التي يجب على المسلمين اتباعها، فمنذ بداية الإسلام، تعايش المسلمون مع أهل الكتاب وعبادة الأصنام، وطالما أنهم لا يؤذون المسلمين، فإنهم يعيشون بسلام. ومع ذلك، لم يحدث هذا في حالة قريش، حيث هاجموا نبي الله محمد وحاربوا الإسلام. لذلك، لم يكن هناك خيار سوى السعي من أجل الحرية من خلال الحرب التي بدأها أعداء الإسلام

التعايش بين الأديان هو أمر يضمن سلامة حياة الناس في مجتمعاتهم، حيث توجد العديد من الدول التي تحتضن أعدادا كبيرة من الأديان المختلفة، وإذا لم يكن هناك تعايش وتضامن ثقافي وحضاري واجتماعي بين هذه الأديان، فإن ذلك سيؤدي إلى اندثار سكانها، كما حدث في العراق، الذي يعد أكبر موطن يضم العديد من الأديان والمذاهب المختلفة. الإسلام أباح لنا أن نأكل من طعامهم ونتزوج من نسائهم، ودعانا إلى أن نحسن معاملتنا لجيراننا، وهذا يدل على اهتمام الإسلام بالتعايش السلمي مع بقية الأديان، حتى نعيش في سلام. ومع ذلك، يحثنا ديننا أيضا على دعوتهم إلى الإسلام، حتى لا يكون لهم حجة يوم القيامة أمام الله. لذلك، فإننا مطالبون بدعوتهم، وهم حريصون على إيمانهم. وبالتالي، يجب على المسلمين أن يتعايشوا مع أتباع الأديان الأخرى طالما أنه لا يوجد تهديد على السلام ولم نر منهم سوءا.

آيات قرآنية حول التعايش بين الأديان

  • قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ” من سورة يونس.

يقول الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن إن أراد أن يؤمن له جميع من في الأرض لآمنوا، لكن هنا تأتي حكمة الله سبحانه وتعالى في اختلاف الناس بين عقائدهم وانتماءاتهم الدينية، حتى أن أبناء الدين الواحد  لديهم مذاهب مختلفة، ويجب عدم  إكراه أو إجبار أي أحد منهم على الإيمان بالله تعالى لأنه لو أراد ذلك لفعل.

  • قال الله تعالى في كتابه الكريم: “لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” من سورة الممتحنة.

– يدعونا الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة كمسلمين إلى ضرورة البر ومعاملة غير المسلمين بالعدل، وخاصةً في أوقات السلم، وأن الله يحب الذين يتصرفون بهذه الطريقة.

  • قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” من سورة العنكبوت.

في هذه الآية الكريمة، يدعونا الله سبحانه وتعالى إلى أن ندعو أصحاب الديانات السماوية غير المسلمين بأحسن الأساليب خاصة في الجدل العقائدي، ويحثنا على التعامل معهم بالإحسان.

  • قال الله تعالى في كتابه الكريم: “قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” سورة البقرة.

تحثنا هذه الآية الكريمة على ضرورة الإيمان برسل الله الذين سبقوا سيدنا محمد، ويذكرنا بضرورة احترام النصوص المقدسة التي أُنزِلت عليهم.

أعلن الإسلام في مكنون آياته أن الناس جميعاً قد خُلقوا من نفسٍ واحدة، مما يعني أنهم مشتركون في وحدة الأصل الإنساني، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)

حديث نبوي عن التعايش بين الأديان

تحثنا الدين الإسلامي على عدم التعدي على المعاهد أو الذميين، نظرا لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (من قتل معاهدا لم يجد رائحة الجنة، وإن رائحتها توجد على مدى أربعين عاما)، لذلك فإن رسولنا الكريم ضمن لهم أمانهم، فمن نحن لننتهك هذا الاتفاق لكي نتحمل العقاب الشرعي

ولقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم عن ظلم المعاهد أو الذمي وهو الشخص الذي يعيش في ظل أمان المسلمين: (ألا مَنْ ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس؛ فأنا حجيجه – أي: أنا الذي أخاصمه وأحاجُّه – يوم القيامة) رواه أبو داود، بل إنه قد وردت أحد المواقف عن السنة النبوية أنه قد استوى أمام القاضي في الحكم والقضاء المسلم وغيره؛ فعن عن الأشعث قال: كان بيني وبين رجل من اليهود أرضٌ، فجحدني؛ فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (ألكَ بيِّنة؟)، قلتُ: لا، قال لليهودي: (احلفْ)، قلتُ: يا رسول الله، إذًا يحلف ويذهب بمالي! فأنزل الله:  (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا)

حكم التعايش بين الأديان

إن التعايش بين الأديان الأخرى هو أحد الأمور التي أوصى بها رسولنا الكريم كما جاء في الأحاديث السابقة، لذا يتحتم علينا أن نتعامل معهم بالعدل والمساواة كما نتعامل مع المسلمين الآخرين، وهذا حقهم علينا. ويقول الدكتور شعبان محمد إسماعيل، أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر: “من سماحة الإسلام أنه أقر التعايش مع الآخر، فحينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، كان أول ما فعله بعد بناء المسجد والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار هو وضع صحيفة المعاهدة مع اليهود الذين كانوا يسكنون المدينة. وتدل هذه الصحيفة بوضوح وجلاء على عبقرية الرسول صلى الله عليه وسلم في صياغة موادها وتحديد علاقات الأطراف ببعضها ببعض، فقد كانت موادها مرتبطة بشكل شامل وتصلح لحل الأوضاع في المدينة آنذاك، وفيها من القواعد والمبادئ ما يحقق العدالة والمساواة التامة بين البشر، وأن يتمتع بنو الإنسان على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأديانهم بالحقوق والحريات بأنواعها. وقال: “لا تزال المبادئ التي تضمنها دستور المدينة في جملتها معمولا بها، والأغلب أنها ستظل كذلك في مختلف نظم الحكم المعروفة إلى اليوم حتى يصل إليها الناس بعد قرون من تقريرها في أول وثيقة سياسية دونها الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد أعلنت الصحيفة أن الحريات مصونة، كحرية العقيدة والعبادة وحق الأمن، فحرية الدين مكفولة، للمسلمين دينهم ولليهود دينهم. وقال تعالى: “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم” (سورة البقرة: الآية 256)

مظاهر التعايش في الإسلام

تظهر مظاهر التعايش بين الأديان في العديد من الأمور كما يلي

  • الاعتراف بالطرف الآخر دون إدراج ديانته أو مذهبه في الاعتبار.
  • عدم إكراه الآخرين في الدين.
  • يجب التعامل مع أصحاب الديانات السماوية بالعدل والإحسان 
  • استخدام الحوار بالتي هي أحسن معهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى