تأثير الاستعفاف على المجتمع
الاستعفاف هو طلب العفو والسعي إليه لما لها من فوائد لا حصر لها على المجتمع والإنسان، وتتمثل آثار الاستعفاف على المجتمع في:
ينجي من الفواحش
يأتي تأثير الاستعفاف على حياة الفرد والمجتمع في النجاة من الفواحش، فالشخص العفيف لا يمارس الفواحش فقط، بل يمتنع أيضا عن المواقف والأسباب التي تؤدي إليها، وذلك امتثالا لما جاء في القرآن الكريم: `ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا` – الإسراء 32 – حيث تعتبر النظرات والمحادثات والملامسات والمغازلة من أهم أسباب الزنا، ومن يفتح هذه الأبواب يجد صعوبة في الابتعاد عن الزنا.
يساعد الاستعفاف على تهدئة الشهوة وتحقيق التقوى، ويمنح الله العفيف حياة طاهرة وسعيدة، كما ينجي الاستعفاف من أضرار الفواحش وعقاب الله في الدنيا والآخرة، حيث يفضح الله الزاني في الدنيا بواسطة إقامة الحد الشرعي عليه.
يتعرض المرء للعديد من الأضرار النفسية والاجتماعية والخلقية نتيجة الزنا، وكان بإمكانه تجنبها بالعفة. وفي الآخرة، يعاقب الله الزاني بنار جهنم.
نقاء المجتمع وطهارة الفرد
يعيش الشخص العفيف في دنيا الرحمة الإلهية ودعاء الملائكة، حيث تشتاق له الحور العين، ويحيا في استقرار اجتماعي بفضل سمعته الحسنة وذكره الحسن، وزواجه السعيد. كما يكون محصّنًا في مجتمعه، وذو نفسية مستقرة ومطمئنة بطاعة الله وبهجة القرب منه، ولذة العبادة وحلاوة الإيمان.
سيكون الفرد محميًا من الأمراض الخطيرة التي تنتشر بشكل كبير في المجتمع، وسيسعد المجتمع بأخلاقه الكريمة وحيائه وعفافه وتقواه وصبره وستره.
الإرادة القوية
من المعروف أن الاستعفاف يخلق الإرادة القوية والعزيمة الكبيرة لإنجاز الكثير من الأهداف في المجتمع والوصول إلى النجاح المرغوب فيه، ويساعد الفرد على التحلي بالتقوى، وقد ذكر الله تعالى أثر الاستعفاف في القرآن الكريم بقوله: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) – النازعات 41.
كما أن قوة الإرادة من أهم الأسس التي تساعد على بناء شخصية الفرد، وتمكنه من التحلي بالقيم والفضائل، والتخلي عن الفواحش والرذائل، مع القيام بتنفيذ ما أمر به الله مع بناء المجتمع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الأمر يعود على المجتمع بالنفع ويعود على الفرد بالخير والرخاء في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى: يقول القرآن الكريم: “وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا”، ويجب على العفيف السعي دائمًا للآخرة والتقوى والخوف في الدنيا، حيث سيكون الجزاء في الآخرة عظيمًا ومن نفس جنس العمل.
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين) – متفق عليه -.
حماية المجتمع من الفتن
يتحقق الإيمان ويتم إنقاذ المجتمع من الفتن والفوضى بالاستعفاف، حيث تقل جرائم الزنا والقتل وغيرها من المشاكل التي يعاني منها المجتمع نتيجة لعدم الاهتمام بالأخلاق والعفة.
الحفاظ على كرامة أفراد المجتمع
تحافظ العفة والاستعفاف على كرامة الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه، وتساعد على النجاة من النار. فالعفة من الأعمال الصالحة التي تجعل الله تعالى ينجي صاحبها ببركتها.
يقول رسول اللهصلى الله عليه وسلم: (هناك ثلاثة أشخاص لا تصيبهم النار: عين حرست في سبيل الله، وعين بكت خشية الله، وعين كفت عن المحرمات الله).
الاستعفاف يقلل من مشكلة الطلاق
– يُعَدُّ الطلاق من المشاكل الشائعة في المجتمع الحالي، ويُعَدُّ الاستعفاف هو الحل الأمثل لتحقيق الزواج المثالي الذي لا يؤدي إلى الطلاق، فإذا كان الشاب يخاف الله ويتجنب الزنا والمفاسد، فإنذلك يضمن له تكوين أسرة رائعة تتميز بالعفة والتقوى.
وبالمثل، فإن الفتاة التي تتمتع بالعفاف والتقوى والأخلاق الكريمة، يمكنها أن تقدم حياتها بأكملها لزوجها، بينما الفتاة التي يتمتعون بالحرية ومخالطة الرجال لن تتمكن من النجاة من وضعها إلا بعد التوبة الكاملة.
أهمية الاستعفاف للمجتمع والفرد
يجعل الفرد يتحلى بالصبر
الفرق بين العفة والاستعفاف هو أن العفة تعني أن يعترف كل فرد بخطاياه ويتركها، بينما الاستعفاف هو مصطلح أشمل يشمل جميع معايير الأخلاق الكريمة.
العفة أو الاستعفاف هو ما يساعد الفرد على الصبر عن الخطيئة للحصول على جزاء الصابرين الذين ينالونه بفضل صبرهم العظيم، حيث يمتنعون عن السعي وراء المحرمات والإستماع إلى المحرمات، وتمتنع جميع أجزاء أجسادهم عن المحرمات، وقد قال الله تعالى في كتابه العظيم: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) – الزمر 10 -، وتحقق تعريف الإستعفاف الجمع بين العفة والمروءة والأخلاق الكريمة.
الاستعفاف يصون الأسرة
يتمثل الجزاء العادل للشخص الذي يحمي خصوصية الآخرين في حماية الله لخصوصيته وخصوصية أسرته، وأما الذين لا يحترمون خصوصية الآخرين فيعاقبون بنفس نوع السلوك، ومن يحرص على خصوصيته يجب أن يحترم خصوصية الآخرين، وينهار العائلة في المجتمعات بسبب تفشي الفواحش والخيانة الزوجية.
ويمكننا القول أن العفة أو الاستعفاف بمثابة الأمان الذي يقوم بحفظ الكيان الأسري، وهي من أهم أبواب ترك الذنوب والمعاصي، والتحلي بالكثير من القيم الأخلاقية مثل المروءة وحفظ الجاه وصون العرض والحفاظ على الأموال وحب الخلق وانشراح الصدر ونعيم القلب وقوته والأمن من الخوف، وقلة الشعور بالحزن والهم والغم.
مع عزة النفس ونور القلب الذي تطفئه المعاصي والذنوب، كما أن يكتسب الفرد الذي يعف نفسه حلاوة الوجه والمهابة التي يلقيها الله تعالى في قلوب محبيه وانتصارهم ودعائهم له في حالة تعرضه للظلم أو الأذى، مع الحفاظ على عرضه إذا اغتابه المغتاب وسرعة إجابة دعائة وزوال الوحشة بين وبين الله تعالى.
يُحقق الله حوائج الشخص العفيف ويبعد عنه الشياطين ويحميه من أذى البشر، كما يتنافس الناس على خدمته ويتمنون مودته وصحبته، ولا يخشى هذا الشخص الموت بتاتًا بل يفرح بلقاء الله تعالى، وتتصغر الدنيا في قلبه ويصبح الآخرة هي الأهم بالنسبة له.
يكون العفيف حريصًا على التمتع بحلاوة الطاعة والإيمان في الدنيا، ويسعى إلى التوبة الكاملة من الذنوب والمعاصي، ويترك كل ما يؤدي إلى الخطيئة، فيكافئه الله تعالى بالسرور والفرح في الدنيا والآخرة.
العفيف له ثواب مضاعف
كلما زادت الدواعي المتعلقة بالفجور والفتنة في المجتمع كلما تطلب الأمر المزيد من الصبر والتقوى، وحين يلتزم الفرد بهذا الأمر يحصل على ثواب مضاعف في الدنيا والآخرة ويتحقق الإيمان، ويقول الله تعالى في القرآن الكريم: ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) – الأعراف 201 -.